الفغل وإما أن يشاء عدمه وليست ثمّ حالة أصلاّ ﴿لوشآء الله﴾ أي الذي له العظمة كلها أن لا أتلوه عليكم ﴿ما تلوته﴾ أي تابعت قراءته ﴿عليكم ولآ أدركم﴾ أى أعلمكم على وجه المعالجة هو سبحانه ﴿به﴾ على لساني ؛ ولما كان ذكر ذلك أتبعه السبب المعرف به فقال :﴿فقد لبثت فيكم عمراً﴾ ولما كان عمره لم يستغرق زمان القبل قال :﴿من قبله﴾ مقدار اربعين سنة بغير واحد من الأمرين لكون الله لم يشأ واحداً منهما إذ ذاك، ثم أتيتكم بهذا الكتاب الأحكم المشتمل على حقائق علم الأصول ودقائق علم الفروع ولطائف علم الأخلاق وأسرار قصص الأولين في عبارة قد عجزتم -وانتم افصح الناس وأبلغهم - عن معارضة آية منها، فوقع بذلك العلم القطعي الظاهر جداً أنه من عند الله فلذلك سبب عنه إنكار العقل فقال :﴿أفلا تعقلون﴾ إشارة إلى أنه يكفي-في معرفة أن القرآن منة عند الله وأن غير عاجز عنه - كون الناظر في أمره وأمري من أهل العقل، أي أفلا يكون لكم عقل عرفتم أنكم عاجزون عن ذلك مع التظاهر، فأنا وحدي - مع كوني امياً -أعجز، ومن انه تعالى لو شاء ما بلغكم، ومن أني مكثت فيكم إتياني به زمناً طويلاً لا أتلو عليكم شيئاً ولا أدعي فيكم علماً ولا أتردد إلى عالم ؛ وتعرفوا ان قائل ما قلتم مكذب بآيات الله، وفاعل ما طلبتم كاذب على الله، وكل من ذلك أظلم الظلم ﴿فمن﴾ أى فهو سبب لأن يقال : من ﴿أظلم ممن افترى﴾ أى تعمد ﴿على الله﴾ أى الذي حاز جميع العظمة ﴿أو كذب بآياته﴾ كما فعلتم انتم، وذلك من أعظم الكذب ولما كان التقدير : لا أحد أظلم منه فهو لا يفلح لأنه مجرم، علله بقوله مؤكداً لأجل إنكارهم :﴿إنه لا يفلح﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿المجرمون﴾ فد وضح أن المقصود نفي الكذب عن نفسه ﷺ وإلحاق الوعيد حيث كذبوا بالآيات بعد ثبوت أنها من عند الله والإعلام بأنه لا احد اظلم منهم لأنهم كذبوا على الله في كل ما ينسبونه إليه مما نهى عنه وكذبوا يآياته، والإتيان بالغير قد يكون


الصفحة التالية
Icon