ولما بين تعالى هنا ما هم عليه من سخافة العقولوركاكة الآراء، ختم ذلك بتنزيه نفسه بقوله :﴿سبحانه﴾ أى تنزه عن كل شائبة نقص تنزهاً لا يحاط به ﴿وتعالى﴾ أي وفعل بما له من الإحاطة بأوصاف الكمال فعل المبالغ في التنزه ﴿عما يشركون*﴾ أي يوجدون الاشراك به.
٤٢٧
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٤
ولما كان طلبهم محركاً لنفوس الخيّرين إلى ترجى إجابة سؤالهم، أتبعه سبحانه بما يبين أن ذلك غير نافع لهم لأنه محض تعنت.
فقال تعالى عاطفاً على قوله ﴿قال اكافرون إن هذا لسحر مبين﴾ او ﴿وإذا مسَّ الإنسان الضر﴾ مبيناً أن رحمته محققة الوجود كثيرة الورود إليهم مبيناً أن لهم آية عظمى من أنفسهم لا يحتاجون معها إلى التعنت بطلب آية وهي دالة على نتيجة مقصود السورة الذي هو الوحدانية وأن إشراكهم إنما هو بما لهم من نقص الغرائز الموجب لكفران الإحسان، وذلك انهم عامة إذا أكرموا بنعمة قابلوها بكفر جعلوا ظرفه على مقدار ظرف تلك النعمة بما اشار إليه التعبير ب " إذا " ثم بنعمة قابلوها بكفرجعلوا ظرفه على مقدار ظرف تلك النعمة بما اشار إليه التعبيرب " إذا " ثم إذا مسهم الضر ألجأهم إلى الحق فأخلصوا، لم يختلف حالهم في هذا قط، وهذا الإجماع من الجانبين دليل واضح على كلا الأمرين ؛ الكفر ظلماً بما جر إليه من البطر.
والتوحيد حقاً بما دعا إليه من الفطرة القويمة الكائنة في أحسن تقويم بما زال عنها إلحاق الضرر من الخطوط والشهوات والفتور، وهذا كما وقع في سورة الروم المافقة لهذه في الدلالة على الوحدانية فلذا عبر في كل منهما بالناس ليكون إجماعهم دليلاً كافياً عليها وسلطاناً جليلاً مضطراً إليها -والله الهادي :﴿وإذا أذقنا﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿الناس﴾ أى الذين
٤٢٩
لهم وصف الاضطراب ﴿رحمة﴾ أى نعمة رحمناهم بها من غير استحقاق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٩


الصفحة التالية
Icon