الفادحه ﴿لنكونن﴾ أي كوناً لا ننفك عنه ﴿من الشاكرين*﴾ أى المديمين لشكرك العريقين في الاتصاف به.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٩
ولما أعلم سبحانه أنهم اكدوا هذا الوعد هذا التأكيد، أتبعه بيان أنهم أسرعوا في
٤٣١
نقضه غاية الإسراع فقال :﴿فلما انجاهم﴾ ولما أبانت الفاء عن الإسراع في النقض، أكد مناجاتهم لذلك بقوله :﴿إذا هم يبغون﴾ أي يتجاوزون الحدود ﴿في الأرض﴾ أى جنسها ﴿بغير الحق﴾ أي الكامل، فلا يزال الباغي مذموماً حتى يكون على الحق الكامل الذي لا باطل فيه بوجه، وجاء الخطاب أولاً في ﴿يسيركم﴾ ليعم المؤمنين لأن التسيير يصلح للامتنان، ثم التفت إلى الغيبة عند صدور ما لا يليق بهم - نبه على ذلك ابو حيان، وأحسن منه أن يقال : إنه سبحانه أ ؟قبل عليهم تنبيهاً على أنه جعلهم - بما هيأ فيهم من الوى - اهلاً لخطابه ثم أعر عنهم إشارة إلى أنهم استحقوا الإعراض لإعراضهم اغتراراً بما أتاحهم ؛ والتسيير : التحريك في جهة تمتد كالسير ؛ والبر : الأرض الواسعة التي تقطع من بلد، ومنه البر لاتساع الخير به ؛ والبحر : مستقر الماء الواسع حتى لا يرى من وسطه حافتاه ؛ والفلك : السفن التي تدور في الماء، وأصله الدور، فمنه فلكة المغزل، والفلك الذي يدور في النجوم ؛ والحق : وضع الشيء في موضعه على ما يدعو إليه العقل ؛ ثم بين أن ما هم فيه من الإمهال إنما هو متاع الدنيا وأنها دار زوال فقال تعالى :﴿يأيها الناس﴾ أي الذي غلب عليهم وصف الاضطارب ﴿إنما بغيكم﴾ أي كل بغي يكون منكم ﴿على أنفسكم﴾ لعود الوبال عليها خاصة وهو على تقدير انتفاعكم به عرض زائل ﴿متاع الحياة الدنيا﴾ ثم يبقى عاره وخزنه بعد الموت ﴿ثم إلينا﴾ أى خاصة ﴿مرجعكم﴾ بعد البعث ﴿فننبئكم﴾ على ما لنا من العظمة إنباء عظيماً ﴿بما كنتم﴾ أي كوناً هو كالجبلة ﴿تعلمون*﴾ ونجازيكم عليه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٩