ولما نفوا ذلك عطفوا عليه مسببين عنه قولهم :﴿فكفى بالله﴾ أى المحيط علماً وقدرة ﴿شهيداً﴾ أى هو يكفينا كفاية عظيمة جداً من جهة الشهادة التي لا غيبة فيه بوجه ولا ميل اصلاً ﴿بيننا وبينكم﴾ في ذلك يشهد لنا وعلينا ؛ ثم استأنفوا خبراً يصحح نفيهم فقالوا مؤكدين لأنهم كانوا يعتقدون علمهم :﴿إن﴾ أى إنا ﴿كنا﴾ أي كوناً هو جبلة لنا ﴿عن عبادتكم﴾ لنا أو لغيرنا مخلصة او مشوبة ؛ ولما كانت " إن " هي المخففة من الثقيلة تلقيت باللام الفارقة بينها وبين النافية فقيل :﴿الغافلين﴾ لنه لا أرواح فينا، فلم تكن بحيث نأمر بالعبادة ولانرضاها فاللوم عليكم دوننا، وذلك افتداء من موقف الذل او انهم لما تخيلوا في الشركاء صفات لا وجود لها في الأعيان، وأيضاً فإنهم ما عبدوا إلاّ الشياطين التي كانت تزين لهم ذلك وتغويهم، ويكون التقدير على ما دل عليه السياق :﴿فزيلنا بينهم﴾ أي منعناهم مما كانونا فيه من التواصل والتواد لمقتضي للتناصر بعبادة الأوثان، فقال المشركون لشركائهم لما أبطأ عنهم نصرهم : إنا كنا نعبدكم من دون الله فأغنوا عنا كما كنا نذب عنكم وننصر دينكم ﴿وقال شركاؤهم كا كنتم إيانا تعبدون﴾ أى كُشِف لنا اليوم بتفهيم الله أنه ليس الأمر كما زعمتم وأنكم لم تخصونا بالعبادة حتى يلزمنا منعكم على أنكم لو خصصتمونا ما قدرنا على ذلك قال الشيطان ﴿ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي﴾ [إبراهيم : ٢٢] ﴿فكفى﴾ أى فتسبب عن نفينا لذلك على ما كشف لنا من العلم ان نقول : كفى ﴿بالله شهيداً بيننا وبينكم﴾ في ذلك، يشهد أنكم لم تختصوا أحداً منه ومنا بعبادة بل كنتم مذبذبين، وهذا كله إشارة إلى أن العبادة
٤٣٦