ولما كانوا جديرين عند تقديرهم بهذه الآية وإقرارهم بمضمونها يقولوا : سلمنا فأسلمنا ولا نصرف عن الحق أبداً، لم يقولوا، كانوا حقيقين بأن يقال لهخم : حقت عليكم كلمة اللله لفسقكم وزغانكم عن الحق : فقيل : هل خصوا بذلك ؟فقيل : بل ﴿كذلك﴾ أي مثل ذلك الحقوق اعظيم ﴿حقت كلمت ربك﴾ أي المحسن إليك بإهلاك أعدائك : الكلمة الواحدة النافذة التي لا تردد فيها، ومعنى الجمع في قراءة نافع فالمراد عامر أنه لا شيء من كلماته يناقض الكلمة التي أوجبت عذابهم، بل كلها توافقها فالمراد واحد، أو يكون ذلك كناية عن أن عذابهم دائم فإن كلماته لا تنفذ ﴿على﴾ كل
٤٣٩
﴿والذين﴾ غعلوا فعلهم لأنهم ﴿فسقوا﴾ أي أوقعوا الترك لأمر الله وأوجدوا عصيانه وفعلوا الخروج عن طريق الحق والخروج عن دائرة الصلاح، وهو كونهم امة واحدة إلى دين ابيهم ىدم صِفيُ الله عليه السلام ؛ ثم علل ذلك الحقوق بقوله :﴿أنهم لا يؤمنون*﴾ أي لا يتجدد منهم إيمان أصلاً، وعبر بالفسق مراد به اكفر لأن السياق للخروج عن دائرة الدين الحق في قوله ﴿وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا﴾ وهذا المعنى احق بالتعبير لفس الذي أصله الخوج عن محيط في قولهم : فسقت الرطبة عن قشرها -أي خرجت، أو يكون المعنى : حقت الربوبية له سبحانه بهذا الليل، وهو فعل هذه الأمور المختتمة بالتدبير المقتضي للوحدانية له سبحانه قطعاً لأنه لو كان قادر يساويه في مقدوره لأمكن أن يمانعه، وبطل أن يكون قادراً، وحق أن من زاغ عن الحق كان في الضلال كما حق هذا ﴿كذلك حقت﴾ أي ثبتت ثباتاً عظيماً ﴿كلمت ربك على﴾ كل ﴿الذين﴾ قضى بفسقهم منهم.
﴿أنهم لا يؤمنون﴾ تفسير لكلمته التي حقت ؛ والرزق : جعل العطاء الجاري.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٣٨


الصفحة التالية
Icon