ولما كانوا جاهلين بالجواب الحق في ذلك أو معاندين، أمره أن يجيبهم معرضاً عن انتظار جوابهم آتياًبجزئي الاستفهام ايضاً فقال :﴿قل الله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة ﴿يهدي﴾ ولما كان قادراً على غاية الإسراع، عبر باللام فقال :﴿للحق﴾ إن أراد، ويهدي إلى الحق من يشاء، لا أحد ممن زعموهم شركاء، فالاشتغال بشيء منها بعبادة أو غيرها جهل محض واختلال في المزاج كبير، فالآية من الاحتباك : ذكر ﴿إلى الحق﴾ أى الكامل الذي لا زيغ فيه بوجه ولو على ابعد الوجوه ﴿احق أن يتبع﴾ أي بغاية الجهد ﴿أم من لا يهدي﴾ أى يهتدي فضلاً عن أن يهدي غيره إلى شيء من الأشياء أصلاً ورأساً ؛ وإدغام تاء الافتعال للإيماء إلى انتفاء جميع أسباب الهداية حتى أدانيها، فإن التاء عند ارباب القوب معنها انتهاء التسبب إلى أدناه ﴿إلا أن يهدي﴾ أى يهديه هاد غيره كائناًمن كان، وهذا يعم كل ما عبد من دون الله من يعقل وممن لا يعقل ؛ فلما اتم ذلك علىهذا النهج القويمن كان كانه قيل : أتجيبون أم تسكتون ؟وإذا أجبتم أتؤثرون الحق فترجعون عن الضلال أم تعاندون، تسبب عن ذلك سؤالهم عى وجه التوبيخ بقوله :﴿فما﴾ أى أيّشيء ثبت ﴿لكم﴾ في فعل غير الحق من كلام او سكوت ؛ ثم استأنف تبكيتاً آخر فقال :﴿كيف تحكمون*﴾ فيما سألناكم عنه ممالا ينبغي ان يخفى على عاقل، أبالباطل أم بالحق ؟فقد تبين الرشد من الغي ؛ والبدء : العقل الأول ؛ والإعادة : إيجاد الشيء ثانياً ؛ والهداية : التعريف بطريق الرشد من الغي.
٤٤١
ولما اخبر بإقرارهم عن بعض ما يسألون عنه ثم عقبه بما لوح إلى إنكارهم أو سكوتهم عن بعضه مما يتعلق بشركائهم، عطف على ما صرح به من قولهم ﴿فسيقولون﴾ وما لوح إليه من " فستنكون " أو " فسيسكتون " قوله :﴿وما يتبع﴾ أى بغاية الجهد ﴿أكثرهم﴾ أي نطقه او سكوته في عبادته للأصنام وقوله : إنها شفعاء، وغير ذلك ﴿إلا ظناً﴾ تنبيهاً على أنهم إنما هم مقلدون وتابعون للأهواء.