﴿وما كان﴾ عاطفاً له على قوله ﴿ما يكون لي أن أبدله﴾ إلى آخره، فهو حينئذ مقول القول، أى قل لهم ذاك الكلام وقل لهم ﴿ما كان﴾ أى قط بوجه من الوجوه، وعينه تعيناً لا يمكن معه لبس، فقال :﴿هذا القرآن﴾ أي الجامع لكل خير مع التأدية بأساليب الحكمة المعجزة لجميع الخلق ﴿أن يفترى﴾ أي أن يقع في وقت من الأوقات تعتمد نسبته كذباً إلى الله من أحد من الخلق كائناً من كان ؛ وعرف بتضاؤل رتبتهم دون شامخ رتبته سبحانه بقوله :﴿من دون الله﴾ أي الذي تقرر أنه يدبر الأمر كله، فما من شفيع إلا من بعدإذنه وما يعزب عنه شيءفسبحان المتفصل على عبادة بإيضاح الحجج وإزالة الشكوك والدعاء إلى سبل الرشاد مع غناه عنهم وقدرته عليهم ؛ والافتراء : الإخبار على القطع بالكذب، لأنه من فرى الأديم وهو قطعه بعد تفزيره.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٢
ولما طكان إتيان الأمي -الذي لم يجالس عالماً - بالأخبار والقصص الماضية على اتحرير دليلاً قطعاً على صدق الآتي في ادعائه أنه لا معلم له إلا الله' عبر بأداة العناد فقال :﴿ولكن﴾ أي كان كوناً لا يجوز غيره ﴿تصديق الذي﴾ أي تقدم ﴿بين يديه﴾ أي قبله من الكتب، والدليل على تصادقه شاهد الوجود مع أن القوم كانوا في غاية العدواة له ﷺ وكان أهل الكتابين عندهم في جزيرة العلرب على غاية القرب منهم مع أنهم كانوا يتجرون إلى بلاد الشام وهم متمكنون من السؤال عن كل ما يأتي به، فلو وجدوا مغمراً ما لقدحوا به، فدل قدحهم على التصادق قطعاً.