ولما كان هذا موضع أن يذعنوا لأن هذا القرآن لس إلا من عند الله وبأمره قطعاً، كان كأنه قيل : ارجعوا عن غيهم فآمنوا واستقاموا ﴿أم﴾ استمروا على ضلالهم ﴿يقولون﴾ على سبيل التجديد والاستمرار عناداً ﴿افتراه﴾ أي تعتمد نسبته كذباً إلى الله، فكأنه قيل، تمادوا على عتوهم فقالوا ذلك فكانوا كالباحث عن حتفه بظلفه، لأنهم أصلوا أصلاً فاسداً لزم عليه قطعاً إمكان ان يأتوا بمثله لأنهم عرب مثله، بل منهم من قرأ وكتب وخالط العلماء واشتد اعتناءه بأنواع البلاغة من النظم والنثر والخطب وتمرنه فيها بخلافه ﷺ في جميع ذلك، فلهذا أمره في جوابهم بقوله ﴿قل﴾ أي لهم يا أبلغ خلقنا وأعرفهم بمواقع الكلام لجميع انواعه، أتى بالفاء السببية في قوله :﴿فأتوا﴾ أي أنتم تصديقاً لقولكم هذا الذي تبين وأنكم فيه معاندو ؛ ولما كانوا قد جزموا في هذه السورة بأنه افتراه، وكان مفصلاً إلى سور كل واحدة منها لها مقصد معين يستدل فيها عليه، وتكون خاتمتها مرتبطة بفاتحتها متحدة بها، اكتفى في تحد يهم بالإتيان بقطعه واحدة غير مفصلة إلى مثل سورة لكن تكون مثل جميع القرآن في الطول والبيان وانتظام العبارة والتئام المعاني فلذلك قال :﴿بسورة﴾ قال الرماني : والسورة منزلة محيطة بآيات من أجل الفاتحة والخاتمة كإحاطة سور البناء، وهذا نظراً إلى أن المتحدي به سورة اصطلاحية والصواب أنها لغوية، وهي كما قال الحرالي تمام جملة من المسموع تحيط بمعنى تام بمنزلة غحاطة السور بالمدنية ؛ ووصفها بقوله :﴿مثله﴾ أى قي البلاغة وحسن النظم وصحة المعاني ومصادقة الكتب وتفصيل العلوم لأنكم مثلي في العربية وتزيدون بالمكتابة ومخالطة العلماء-من غير إتيان ب " من " لما تقدم من أن المراد كونها مثل القرآن كله، ولذلك وسع لهم في الاستعانة بجميع من قدروا عليه ووصلت طاقتهم إليه ولم يقصرهم على من بحضرتهم فقال :﴿وادعوا﴾ أي لمعاونتكم ﴿من استطعتم﴾ أي قدرتم على طاعته ولو ببذل