ولما كان لا بد من وقوع تأويله، وهو إتيان ما فيه من الإخبار بالمغيبات على ما هي عليه، قال :﴿ولما يأتهم﴾ أى إلى زمن تكذيبهم ﴿تأويله﴾ أي ترجيعنا لأخباره إلى مراجعها وغاياتها حتى يعلموا أصدق هي ام كذب، فإنه معجز من جهة نظمه ومن جهة صدقه في أخباره ؛ والتأويل : المعنى الذي يؤول التفسير، وهو منتهى التصريح من التضمين.
ولما كان كأنه قيل : إن فعلهم هذا لعجب، فما حملهم على التمادي فيه ؟ فقيل : تبعوا في ذلك من قبلهم لموافقتهم في سوء الطبع، قا مهدداً ومسلياً له ﷺ :﴿كذلك﴾ أي مثل تكذيبهم العظيم في الشناعة قبل تدبير المعجز ﴿كذب الذين﴾ ولما كان المكذبون بعض السافلين، أثبت الجار افقال :﴿من قبلهم﴾ أي من كفار الأمم الخالية فظلموا فأهلكناهم بظلمهم ؛ ولما كان التكذيب خطراً لما يثير من السرور، سبب عنه-تحذيراًمنه - النظر في عاقبة امره فقال :﴿فانظر﴾ أى بعينك ديارهم وبقلبك أخبارهم.
ولما كان من نظر هذا النظر وجد فيه أجل معتبر وأعلى مزدجر، وجه السؤال إليه بقوله :﴿كيف كان عاقبة﴾ أي آخر أمر ﴿الظالمين*﴾ أي الذين رسخت أقدامهم في وضع الأشياء في غير مواضعها حتى كذبوا من ايجوز عليه الكذب بوجه، ومن المقطوع به به أن هذا المسؤول يقول من غير تعلثم ولا تردد : عاقبة وخيمة قاصمة ذميمة ؛ والعاقبة سبب تؤدي غليه البادئة، فالذي أدى إلى إلى هلاكهم بعذاب الاستئصال ما تقدم من ظلمهم لأنفسهم وعتوهم في كفرهم
٤٤٥