ولما قسمهم إلى هذين القسمين، قسم القسم الأخير إلى قسمين فقال :﴿منهم﴾ أي المكذبين ﴿من﴾ ولما كان المستمع إليه أكثر لأنهم أشهى الناس إلى تعرف حاله، وكان طريق ذلك السمع والبصر، وكان تحديق العين غليه لا يخفى، فكان أكثرهم يتركه إظهار لبعضه وخوفاً من إنكار من يراه عليه، وكان إلقاء السمع بغاية الجهد يمكن إخفاءه بخلاف الإبصار، عبر هنا بالافتعال، وجمع دالاً على كثرتهم نظراًإلى معنى " من " وأفرد في النظر اعتباراً للفظها ودالاً على قلة الناظر بما ذكر فقال :﴿يستمعون﴾ وضمن الاستماع الإصغاء ليؤدي الفعلين، ودل على الإصغاء بصلته معلقة بحال
٤٤٦
انتزعت منه فكأنه : قال مصغين ﴿إليك﴾ أي عند قراءة القرىن وبيانه بالسنة، ولكنهم وإن كانوا قسمين بالنسبة إلى الاستماع والنظر فهم قسم واحد بالنسبة إلى الضلال، فكان تعقب ذلك بحشرهم بعد قصر الهداية عليه سبحانه كذكر حشرهم فيما مضى تقسيمهم إلى قسمين بعد قوله ﴿ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٦


الصفحة التالية
Icon