ولما كان ﷺ يريد - بإسماعه لهم ما أنزل الله - هدايتهمبه، سبب عن استماعهم إنكار إسماعهم الإسماع المرتب عليه الهدى فقال :﴿أفأنت﴾ أي وحدك ﴿تسمع الصم﴾ أى في آذان قلوبهم لنهم يستمعون إليك وقد ختم على اسماعهم فهم لا ينتفعون باستماعهم لأنهم يطلبون السمع للرد والفهم ؛ والسمع إدراك الشيء بما يكون به مسموعاً، فكانوا بعدم انتفاعهم كأنهم هم مجانين، لأن الأصم العاقل ربما فهم بالتفرس في تحريك الشفاه وغيرها فلذا قال :﴿ولو كانوا﴾ أى جبلة وطبعاً ﴿لا يعقلون*﴾ أي لا يتجدد لهم عقل أصلاً فصاروا بحيث لا يمكن إسماعهم لنه لا يمكن إلا بسماع الصوت الدال على المعنى وبفهم المعنى، والمانع من الأول الصمم، ومن الثاني عدم العقل، فصاروا شراًمن البهائم لأنها وإن كانت لا تعقل فهي تسمع، والأصم : المنسدالسمع بما يمنع من إدراك الصوت ﴿ومنهم ينظر﴾ محدقاً او رامياً ببصره من بعيد ﴿إليك﴾ فهو من التضمن كما سبق في ﴿يستمعون﴾ ؛ نقل عن التفتازاني أنه قال في حاشية الكشاف : وحقيقة التضمن أن يقصد بالفعل معناه الحقيقي مع فعل آخر يناسبه وهو كثير في كلام العرب، وذلك مع حذف حال مأخوذ من الفعل الآخر بمعنوية القرينة اللفظية، ويتعين جعل الفعل المذكرو أصلاً والمذكور حاله تبعاً، لأن حذفه والدلالة عليه بصلته يدل على اعتباره في الجملة لا على زيادة القصد إليه، ومن أمثلته : أحمد إليك الله، أي منهياً إليك حمده، ويقلب كفيه على كذا، أي نادماً عليه، ﴿ولاتعد عيناك عنهم﴾ [الكهف : ٢٨] أي مجاوزتين عنهم إلى غيرهم، ﴿ولا تأكلون أموالهم﴾ -ضاميها ﴿إلى أموالكم﴾ [النساء : ٢]، ﴿الرفث-مفضين-إلى نسائكم﴾ [البقرة : ١٨٧]، ﴿ولا تعزموا﴾ [البقرة : ٢٣٥]اي على النكاح وأنتم تنوون عقدته ﴿ولا يسمعون﴾ مصغين ﴿إلى الملا الأعلى﴾ [الصافات : ٨] سمع الله - أي مستجيباً-لمن حمده، ﴿والله يعلم المفسد﴾ [البقرة : ٢٢٠] مميزاًله - ﴿من المصلح﴾، ﴿والذين يؤلون﴾ -ممتعين ﴿من﴾ وطء ﴿نسائهم﴾