[البقرة : ٢٢٦].
ولما كان المعنى أنك يا أكرم الخلق تريد بنظر هذا الناظر إليك ان ينظر إلى ما تأتي به من باهر الآيات فيهتدي وهو غير منتفع بنظره لما جعل عليه من الغشاوة فكان كالأعمى الذي زاد على عدم بصره عدم العقل فلا بصرولا بصيرة، قال منكراًلذلك :
٤٤٧
﴿أفأنت تهدي العمي﴾ أي عيوناً وقلوباً ﴿ولو كانوا﴾ أي بما جبلوا عليه ﴿لا يبصرون*﴾ أي لا يتجدد لهم بصر ولا بصيرة، فلا تمكن هدايتهم، لأن هداية الطريق الحسي لا تمكن إلا بالبصر، وهاية الطريق المعنوي لا تمكن إلا بالبصيرة ؛ والنظر : طلب الرؤية بتقليب البصر، ونظر القلب طلب العلم بالفكر ؛ والعمى : آفة تمنع الرؤية عن العين والقلب ؛ والإبصار : إدراك الشيء بما به يكون مبصراً، فكأنه قيل : ما له فعل بهم هذا والأمر بيده ؟ فقيل : لأنه تام المُلك والمِلكوهو متفضل في جميع نعمة لا يجب عليه لأحد شيء فهوا يسأل عما يفعل، وبنى عليه قوله :﴿إن الله﴾ وأحسن منه ان يقال : ولما كان التقدير : إذا علمت ذلك فخفف عنك بعض ما أنت فيه، فإنك لا تقدر على إماعهم ولا هدايتهملأن الله تعالى أراد ما هم عليه منهم لاستحقاقهم ذلك لظلمهم أنفسهم، علله بقوله :﴿إن الله﴾ أي المحيط بجميع الكمال ﴿لا يظلم الناس شيئاً﴾ وإن كان هو الذي جبلهم على الشر ﴿ولكن الناس﴾ أي لما عندهم من شدة قواهم فيه باختيارهم مع زجرهم عن ذلك وحجبهم عما جبلوا عليه وإن كان الكل بيده سبحانه ولا يكون إلا بخلقه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٦