ولما كان من المشاهد أن كل حيوان يتصرف في نفسه وغيره ببعض ذلك قال :﴿إلا ما شاء الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة أن أملكه من ذلك، فكأنه قيل : فما لك لا تدعوه بأن يشاء ذلك ويقدرك عليه ؟فقيل :﴿لكل أمة أجل﴾ فكأنه قيل : وماذا يكون فيه ؟فقيل :﴿إذا جاء أجلهم﴾ هلكوا ؛ ولما كان قطع رجائهم من الفسحة في الأجل من الشرطية بكمالها ﴿ولا يستقدمون*﴾ فلا يستعجلوه فإن الوفاء بالوعد لا بد منه.
والسين فيهما بمعنى الوجدان، أي لا يوجد لهم المعنى الذي صيغ منه الفعل مثل : استشكل الشيء واواسثقله، ويجوز كون المعنى : لايوجدون التأخر ولا التقدم وإن اجتهدوا في
٤٥٠
الطلب، فيكون في السين معنى الطلب والملك قوة يتمكن بها من تصريف الشيء أتم تصريف، والنفع : إيجاب اللذة بفعلها والتسبب المؤدي إليها ؛ والضر : إيجاب الألم بفعله أو التسبب إليه ؛ والأجل : الوقت المضروب لوقوع أمر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٩
ولما كان جل قصدهم بذلك الاستهزاء، وكان وقوعه أمراً ممكناً، وكان من شأن العاقل أن يبعد عن كل خطر ممكن، أمره ﷺ بجواب آخر حذف منه واو العطف لئلا يظن أنه لا يكفي في كونه جواباً إلا بضمنه إلى ما عطف عليه قال :﴿قل﴾ أي لمن استبطأ وعيدنا بالعذاب في الدنيا أو في الآخرى، وهو لا يكون إلا بعد الأخذ في الدنيا إعلاماً بأن الذي يطلبونه ضرر لهم محض لا نفع فيه بوجه، فهو مما لا يتوجه إليه قصد عاقل ﴿أرءيتم﴾ وهي من رؤية القلب لأنها دخلتعلى الجملة من الاستفهام ﴿إن أتاكم عذابه﴾ في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon