ولما كان أخذ الليل أنكى وأسرع، قدمه فقال :﴿بياناً﴾ أي في الليل بغته وأنتم نائمون كما يفعل العدو ؛ ولم كان الظفر ليلاً لا يستلزم الظفرنهاراً مجاهرة قال :﴿أو نهاراً﴾ أي مكاشفة وأنتم مستيقظون، أتستمرون على عنادكم فلا تؤمنوا ؟ فكأنهم قالوا : لا، فليجعل به ليرى، فقيل : إنكم لا تدرون ما تطلبون! إنه لا لمخلوق بنوع منه، ولا يجترئ على مثل هذا الكلام إلا مجرم ﴿ماذا﴾ أى ما الذي ؟ ويجوز أن يكون هذا جواب الشرط ﴿يستعجل﴾ أي يطلب العجله ﴿منه﴾ أي من عذابه، وعذابه كله مكروه لا يحتمل شيء منه ﴿المجرمون*﴾ إذ سنة الله قداستمرت بأن المكذب لا يثبت إلا عند مخايله، وأما إذا برك بكلكه وأناخ بثقله فإنه يؤمن حيث لا ينفعه الإيمان ﴿ولن تجد لسنةِ الله تحويلاً﴾ [فاطر : ٤٣] وهذا معنى التراخي في قوله :﴿أثُمَّ إذا ما وقع﴾ أي عذابه وانتفى كل ما يضاده ﴿آمنتم به﴾ وذلك أنه كانت عادتهم كمن قبلهم العذاب يتراخى إيمانهم بعد مجئ مقدماته وقبل اجتثاثهم بعظائم صدماته لشدة معاندتهم فيه وتوطنهم عليه كما وقع للأولين من الأمم بغياً وعتواُ كقوم صالح لما تغيرت وجوههم بألوان مختلفة في اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث وأيقنوا بالهلكة وودع بعضهم بعضاً ولم يؤمنوا، وجرت
٤٥١