صرح بمضمون ذلك بقوله مؤكداً لإنكارهم :﴿الا إن وعد الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿حق﴾ لنه تام القدرة والغنى، فلا حامل له على الإخلاف ﴿ولكن أكثرهم﴾ أى الذين تدعوهم وهم يدعون دقة الأفهام وسعة العقول ﴿لا يعلمون*﴾ أي لا علم لهم فهم لا يتدبرون ما نصبنا من الأدلة فلا ينقادون لما أمرنا به االشريعة فهم باقون على الجهل معدودون مع البهائم ؛ و﴿ألا﴾ مركبة من همزة الاستفهام و" لا " وكانت تقريراً وتذكيراً فصارت تنبيهاً، وكسرت إن بعدها لأنها استئنافيه ينبه بها على معنى يبتدأ به ولذا يقع بعدها الأمر والدعاء بخلاف " لو " و" إلا " للاستقبال فلم يجز بعدها إلا كسر " إن " " إما " قد تكون بمعنى " حقاً " في قولهم : أما إنه منطلق، وهي للحال فجاز في " أن " بعدها الوجهان-ذكره الرماني ؛ السماوات طبقات مرفوعه اولها سقف مزين بالكواكب.
وهي من سما بمعنى علاز ولما تقرر أنه لا شيء خارج عن ملكه، وأنه تام القدرة لأنه لا منجي من عذابه،
٤٥٤
شامل العلم لقضائه بالعدل، صادق الوعد لأنه لا حامل له على غيره، وثبت تفرده بأنه يحي ويميت ؛ ثبت أنه قادر على الإعادة كما قدر على الابتداء، فثبت أنه لا يكون الرد إلا إليه فنبه على ذلك بقوله :﴿هو﴾ أي وحده ﴿يحيي﴾ أى كما أنتم به مقرون ﴿ويميت﴾ كما أنتم له مشاهدون ﴿وإليه﴾ أي لا إلى غيره ﴿ترجعون*﴾ لأنه وعد بذلك في قوله :﴿إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً﴾ [ يونس : ٤] وفي قوله :﴿فإلينا مرجعهم﴾ [يونس : ٤٦] وفي قوله ﴿أي وربي إنه لحق﴾ [يونس : ٥٣] وغير ذلك ولا مانع له منه ؛ والحياة معنى يوجب صحة العلم والقدرة ويضاد الموت، هو يحل سائرأجزاء الحيوان فيكون بجميعه حياً واحداً، والحي هو الذي يصح أن يكون قادراً، والقادر هو الذي يصح أن يذم ويحمد بما فعل، والموت معنى يضاد الحياة على البينة الحيوانية، وليس كذلك الجمادية.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥٣