﴿ولعلكم ترحمون﴾ أى وليكون حالكم إذا لقيتم الله حال من ترجى رحمته بان يرفعه الله في الدارين
٤٩
ولما نسبوه أولاً إلى الضلال وهوقد يكون خطأ عن ذهول ونحوه، فأقام لهم الدليل على أنه على الصواب، أخبر أنه لم يتسبب عن ذلك إلا تصريحهم بمكا لوحوا إليه أولاً بالضلال من التكذيب فقال :﴿فكذبوه﴾ أي الملأ وتبعهم من دونهم ؛ ولما تسبب عن تكذبيهم له تصديق الله لهم بإهلاكهم وإنجائه ومن آمن به، قال مقدماً لأنجائه اهتماماً به :﴿فأنجيناه﴾ بما لنا من العظمة من أهل الرض كلهم ومن عذابنا الذي اخذناهم به :﴿والذين معه﴾ أي بصحبة الأعمال الدينية ﴿في الفلك﴾ وهو السفينة التي منّ الله على الناس بتعليمه عملها لتقية من الطوفان فكانت آية ومنفعة عظيمة لمن أتى بعدهم ﴿واغرقنا﴾ أي بالطوفان، وهو الماء الذي طبق ظهر الرض فلم يبق منها موضعاً حتى أحاط به، واظهر موضع الإضمار تعليقاً للفعل بالوصف إشارة إلى ان من فعل مع الرسول شيئاً فلإنما فعله مع مرسله فهو يجازيه بما يستحقه فقال :﴿الذين كذبوا بآيتنا﴾ أي وهي من الظهور في حد لا خفاء به لما لها من العظمة بالنسبة إلينا، وعدي هنا فعل النجاة بالهمزة وهي الأصل في التعدية وقرنت ب ﴿الذين﴾ لأنه أخلص الموصولات واصرحها ولما أعيدت القصة في سورة يونس عليه السلام، كان الأليق بكلام البلغاء والأشبه بطرائق الفصحاء التفنن في العبارة، فعدي التضعيف مع ما فيه من الأبلغية بإفهام مزيد الاعتناء مناسبة لما تقدم من مزيد الفويض في قوله
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٨


الصفحة التالية
Icon