اولها ﴿إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري﴾ [يونس : ٧١] أي إنذاري لأنه أعلم أنه كبر عليهم ولو كان تبشيراً لما عز عليهم ولما كان عاد بعدهم، ولم يكن هنا ما يقتضي تشويش الترتيب، اتبعهم بهم مقدماً المرسل إليه ليفيد تخصيص رسالته بهموهم بعض اهل الأرض فقال :﴿وإلى عاد﴾ خاصة ارسلنا ﴿أخاهم﴾ أي في النسب لأنهم عنه افهم وبحالة في الثقة والأمانة اعرف ؛ ولما عظمه على نوح فإنهم كانوا جميع أهل الأرض، لأن القبائل لم تكن فرقت الناس ولا الألسنة إذ كان لسان الكل واحداً، ولم تفرق الألسنة إذ كان لسان الكل واحداً، ولم تفرق الألسنة إلا بعد الصرح، ولهذا عم الغرق جميع أهل الأرض، فكان المعنى حينئذ لا يختلف في قصة بتقديم ولا تاخير، فناسب تقديم الرسالة او المرسل لأنه اهم ولما وكانت قصة نوح عليه السلام أول قصص النبياء مع قومهم، ولم يكن للعرب عهد بمجاورات الأنبياء ومن يرسلون إليه، فأتى فيها بالأصل " أرسلناه " فقال سياقاً واحداً إخباراً لمن هو فارغ الذهن من كل جزء من أجزائها ؛ أتت قصة هود عليه السلام بعدعلم السامعين بقصة نوح عليه السلام مما وقع من تبليغه لهم ودورهم عليه، فلما ذكر إرساله تشوف السامع إلى انه هل قال لهم كما قال نوح وهل ردوا عليه كرد قومه أو كان الأمر بخلاف ذلك ؟ فأجيب سؤال المتشوف بقوله :﴿قال﴾ كقوله نوح عليع السلام سواء ﴿ياقوم﴾ مذكراً لهم بانه احدهم يهمه ما يهمهم ﴿اعبدوا الله﴾ أى لا ستحقاقه ذلك لذاته ؛ ثم علل أو أستأنف بقوله :﴿ما لكم﴾ وأغرق في النفي فقال :﴿من إله غيره﴾ كانوا عارفين بما اصاب قوم نوح قال :﴿افلا تتقون﴾ أى أفلا تجعلون بينكم وبين عذاب هذا الواحد الجبار وقاية ولما تشوف السامع إلى جوابهم بعد هذا الترغيب الممزوج بالترهيب، أجيب بقوله ﴿قال الملأ﴾ أي الأشراف الذين يملؤون العيون بهجة والصدور هيبة ولما كانت عاد قليلاًبالنسبة إلى قوم نوح عليه السلام، وكان قد أسلم من أشرافهم من له غنى في الجملة، قيد


الصفحة التالية
Icon