ولما كان هذا معظم ما أرس به ﷺ ومداره، استأنف الإخبار بأنه ارسله سبحانه مؤكداً له لأجل إنكارهم فقال :﴿إنني﴾ ولما كان إرساله ﷺ لأجل رحمة للعالمين، قدم ضميرهم فقال :﴿لكم منه﴾ أى خاصة، ثم أجمل القرآن كله في وصفيه صلى الله عليه مسلم بقوله : مفدماً ما هو أنسب لختام التي قبلها بالصبر :﴿نذير وبشير﴾ كامل في كل من الوصفين غاية الكمال، وهذا التقدير يرشد إليه قوله تعالى أول التي قبلها ﴿أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس﴾ [يونس : ٢] مع إيضاحه لما عطف عليه قوله تعالى :﴿ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه أن﴾ [هود : ٢٥] عطفناه عليه، وإظهاره لفائدة عطفه كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ويرجح أن " لا " ناهية جازمة لـ ﴿تعبدوا﴾ عطف ﴿أن استغفروا﴾ عليه، فقد ظهر من تلويح هذا وتصريحه وتصريح ما في بقية السورة أن مقصودها وصف الكتاب بالإحكام والتفصيل بما يعجز كما بدأهم للعمل فوجب إفراده بالعبادة وأن يمتثل جميع أمره، ولا يترك شيء منه رجاء غقبال أحد ولا خوف إدباره، ولا يخشى غيره.
ولا يركن إلى سواه، على ذلك مضى جميع النبيين ودرج سائر المرسلين ﷺ أجمعين.
ولما تقدم أنه نذير وبسير.
أتبع ذلك بما يشمل الأمرين بقوله عطفاً على ﴿ألا تعبدوا﴾ مشيراً إلى أنه لا قيقدر الله حق قدره :﴿وأن استغفروا ربكم﴾ أي اطلبوا مع الإخلاص في العبادة أن يغفر لكم المحسن إليكم ما فرطتم فيه ؛ وأشار بأداة التراخي إلى علو رتبة التوبة وأن لا سبيل إلى طلب الغفران إلا بها فقال :﴿ثم توبوا إليه﴾ أى ارجعوا بالظاهر والباطن رجوعاً لا جعة فيه وإن كان المراد بها الدوام فجليل
٤٩٩