الفرق ما لا يخفي، فالمخلوف في الثاني لم يذكر، فكأنه قيل : جعلكم لمن كان قبلكم في هذه الأرض التي أنتم بها، وخص قوم نوح وعاد بالذكر تذكيراً بما حل بهم من العذاب، ولهذا زائدة على الحد عظيمة الانتشار في جميع الأقطار، ومعلوم أن الله تعالى لم يترك واحدة منها بغير رسول ﴿وما كان معذبين حتى نبعث رسولاً﴾ [الإسراء : ١٥] وفي قصة هود في سورة الأحقاف ﴿وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه﴾ [الأحقاق : ٢١] ؛ وله سر آخر وهو أن هذه الأمم كان عند العرب كثير من أخبارهم فصلت لهم أحوالهم، طوي عنهم من لم يكن عندهم شعور بهم فلم يذكروا إلا إجمالاً لئلا يسارعوا إلى التكذيب بما ينزل فيهم من غير دليل شهودي يقام عليهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٣
ولما ذكرهم بمطلق الإبقاء بعد ذلك لإغراق العام، أتبعه التذكير بالزيادة فقال :﴿وزادكم﴾ أي على من قبلكم او على من هو موجود في الأرض في زمانكم ﴿في الخلق﴾ أى الخاص بكم ﴿بسطة﴾ أى في الحسن بطول البدان والمعنى بقوة الأركان قيل : كان طول كل واحد منهم أثتى عشر ذراعاً وقيل أكثر.


الصفحة التالية
Icon