ويده الميزان يخفض ويرفع" وفي الآية حث على محاسن الأعمال والترقي دائماص في مراتب الكمال من العلم الذي هو عمل القلب والعمل الظاهر الذي هو وظيفة الأركان.
ولما ثبت - بيده الخلق الذي هم به معترفون - القدرة على إعادته، وثبت بالابتلاء أنه لا تتم الحكمة في خلق المكلفين إلا باعادتهم ليجازي كلاًّ من المحسن والمسيء بفعلاه وأنهم ما خلقوا إلا لذلك.
عجب من إنكارهم له وأكده لذلك فقالك ﴿ولئن قلت﴾ أى لهؤلاء الذين ما خلقت هذا الخلق العظيم غلا لابتلائهم ﴿إنكم مبعوثون﴾ أي موجودون، بعثكم قطعاً لا بد منه.
ولما كان زمن البعث بعض الزمن قال :﴿من بعد الموت﴾ الذي هو في غاية الابتداء ﴿ليقولن﴾ أكده دلالة على العلم بالعواقب علماً من أعلام النبوة ﴿الذين كفروا إن﴾ أى ما ﴿هذا﴾ أى القول بالبعث ﴿إلا سحر مبين*﴾ أي شيء مثل السحر تخييل باطل لا حقيقة له أو خداع يصرف الناس عن الانهماك في اللذات للدخول ي طاعة الأمر.
ولما كان ما تقدم عنهم من الأفعال ومضى من الأقوال مظنة لمعاجلتهم بالأخذ، وكان الواقع أنه تعالى يعاملهم بالإمهال فضلاً منه وكرماً، حكى مقالتهم في مقابلة رحمته لهم فقال :﴿ولئن أخرنا﴾ أى بما لنا من العظمة التي لا يفوتها شيء ﴿عنهم﴾ أى الكفار ﴿العذاب﴾ أى المتوعد به ﴿إلى أمة﴾ أى مدة من الزمان ليس فيها كدر ﴿معدودة﴾ أي محصورة الأيام أي قصيرة معلومة عندنا حتى تعد الأنفاس ﴿ليقولن﴾ على سبيل التكرار ﴿ما يحبسه﴾ أي العذاب عن الوقوع استعجلاً له تكذيباً واستهزاء، وهو تهديد لهم بأنه آتيهم عن قريب فليعتدوا لذلك.
ولما كان العاقل لا ينبغي أن يسأل عن مثل ذلك إلا بعد قدرته على الدفع،
٥٠٦