ولما كان استملاكه العارية طبعاً له، لا ينفك عنه إلا بمعونة شديد من الله.
دل عليه بما أفهم أنه لو كان طول عمره في الضر ثم نال حالة يرضاها عقب زمن الضر سواء
٥٠٧
بادر إلى اعتقاد أنها هي الحالة الأصلية له وأنها لا تفارقه أصلاً ولا يشوبها نوع ضرر ولا يخالط صفوها شيء من كدر.
فقال دالاًّ على اتصال زمن الضر بالقول بنزع الخافض من الظرف :﴿بعد ضراء﴾ أي فقر شديد مضر ببدنه، ولم يسند المس إليه سبحانه كما فعل في انعماء تعليماً للأدب فقال :﴿مسته﴾ أى بما كسبت يداه ﴿ليقولن﴾ مع قرب عهده بالضراء خفة وطيشاً ﴿ذهب السيِّئات﴾ أي كل ما يسوءني ﴿عني﴾ وقوله ﴿إنه﴾ الضمير فيه للإنسان، المعنى أن الإنسان.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٠٧
فهي كلية مشهورة بمستغرق، أى أن كل إنسان ﴿لفرح فخور﴾ أى خارج عن الحد في فرحه شديد الإفراط في فخره على غيره بكل نعمة تفضل الله عليه بها.
لا يملك ضر نفسه ومنعها من ذلك فلذا اتصل بها قوله مستثنياً من الإنسان المراد به اسم الجنس :﴿إلا الذين صبروا﴾ في وقت الشدائد وزوال النعم رجاء لمولاهم وحسن ظن به بسبب إيمانهم الموجب لتقيدهم بالشرع ﴿وعملوا الصالحات﴾ أى من اقوال الشكر وأفعاله عند حلول النعم، وخلقهم في أحسن تقويم.
وهم أقل من القليل لعظيم جهاده لنفوسهم فيما جبلت عليه من الحظوظ والشهوات وغيرها وشياطينهم.