ولما كان أدنى درجات الافتراء إتيان الإنسان بكلام غيره من غير علمه، وكان عجزهم عن المعارضة دليلاً قاطعاً على أنهم لم يصلوا إلى شيء من كلامه تعالى بغير علمه ولا وجدوا مكافئاً له يأتيهم يمثله ثبت قطعاً أن هذا القرآن غير مفترى، فقال تعالى مخاطباً للجميع بخلاف ما في القصص إشارة إلى وضوح الأمر لا سيما في الافتراء عند كل أحد وان المشركين قد وصلوا من ذل التبكيت بالتحدي مرة بعد مرة وزورهم لأنفسهم في ذلك المضمار كرة في اثر كرة إلى حد من العجز لا يقدرون معه على النطق في ذلك ببنت شفة :﴿فإن لم يستجيبوا لكم﴾ أى يطلبوا إججابتكم ويوجدوها ﴿فاعلموا﴾ ايها الناس كافة ﴿إنما أنزل﴾ أي ما وقع إنزال هذا القرآن خاصة إلا ملتبساً ﴿بعلم الله﴾ أى المحيط بكل شيء قدرة وعلماً بمقتضى ان محمداً واحد منهم تمع العادة أن يعثر دون جميع أهل الأرض على ما لم يأذن فيه ربه من كلامه فضلاً عن أن يكون مخترعاً
٥١١
له، ويجوز أن يكون ضمير ﴿يستجيبوا﴾ لـ " من " ﴿استطعتم﴾ و﴿لكم﴾ للمشركين، وكذا في قوله : فاعلموا و﴿أنتم﴾ ﴿وأن﴾ أي واعلموا أن ﴿لا غله إلا هو﴾ فإنه لو كان معه إله آخر لكافأة في الإتيان بمثل كلامه وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من باس الله آلهتهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥١٠
ولما كان هذا دليلاً قطعياً على ثبوت القرآن، سبب عنه قوله مرغباً مرهباً :﴿فهل أنتم مسلمون*﴾ أي منقادون أتم انقياد.


الصفحة التالية
Icon