واصله القطع، فالإبانة قطع المعنى من غيره ليظهر في نفسه - انتهى.
والمقصود من الرسالة قوله سبحانه " ﴿أن﴾ أي تنذير لأجل أن ﴿لا تعبدوا﴾ أي شيئاً اصلاً ﴿إلا الله﴾ أي الملك الأعظم - ومعنى النذارة قوله :﴿إني أخاف عليكم﴾ وعظم العذاب المحذر منه بقوله :﴿عذاب يوم أليم*﴾ وإذا كان اليوم مؤلماً فما الظن بما فيه من العذاب! فهو إسناد مجازي مثل نهاره صائم، ولم يذكر بشارة كما تقدم عن النبي ﷺ في قوله :﴿إنني لكم منه نذير وبشير﴾ [هود : ٢] إرشاداً إلى ما سيقت له القصة من تقرير معنى ﴿إنما أنت نذير﴾ [هود : ١٢] ولذلك صرح باللام بخلاف الأعراف، وكذا ما أمر به النبي ﷺ أول هذه من عذاب يوم كبير، وهما متقاربان ؛ ثم ساق سبحانه جواب قومه على وجه هو في غاية التسلية والمناسبة للسياق
٥٢١
بقوله :﴿فقال﴾ أي فتسبب عن هذا لنصح العظيم أن قال ؛ ولما كان هذا بعد أن تبعه بعضهم قال :﴿الملأ﴾ وبين الجدال مع الضلال بعد أن بين أنهم هم الأشراف زيادة في التسلية بقوله :﴿الذين كفروا﴾ وبين أنهم اقارب أعزة بقوله :﴿من قومه﴾ أى الذين هم في غاية القوة لما يريدون محاولة القيام به ﴿ما نراك﴾ أي شيئاً من الأشياء ﴿إلا بشراً﴾ أى آدمياً ﴿مثلنا﴾ أى في مطلق البشرية، لست بملك تصلح لما لا تصلح له من الرسالة، وهذا قول البراهمة، وهو منع نبوة البشر على الإطلاق، وهو قول من يحسد على فضل الله ويعمى عن جلي حكمته فيمنع أن يكون النبي بشراً ويجعل الإله حجراً.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥١٩


الصفحة التالية
Icon