يعظمون إلا بذلك، وهو أجهل الجهل لأن الرسل أتت للتزهيد في الدنياوانظر إلى رضاهم لأنفسهم بالعدول عن البينة إلى اتباع الظن ما أردأه! وهذا افظع مما حكى هنا من قوله قريش ﴿لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك﴾ وأبشع ؛ والبشر : الإنسان لظهور بشرته أي ظاهر جلده لأن الغالب على غيره في الحس بمعنى أنه لو ظهر للمشاهدة لسد مسده ؛ والرذل : الحقير بما عليه من صفات النقص وجمعه ؛ والفضل : الزيادة من الخير، والإفصال : مضاعفة الخير التي توجب الشكر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥١٩
ولما كان ختام جوابهم أشده، بدأ في جوابه برده مبيناً لضلالتهم مغضباً عن شناعاتهم شفقة عليهم ومحبة لمجاتهم، فقال تعالى حكاية عنه :﴿قال يا قوم﴾ وشرع يكرر هذه اللفظة كل قليل تذكيراً لهم أنه منهم لتعطفهم الأرحام وتردهم القرابات عن حسد أو اتهامه إلى قبول ما يلقي إليهم من الكلام، وأشار بأداة البعد - مع قربهم - إلى مباعدتهم فيما يقتضي غاية القرب ﴿أرأيتم﴾ أي أخبروني ﴿إن كنت﴾ على سبيل الفرض منكم والتقدير ﴿على بينة﴾ أي برهان ساطع، وزاد ترغيباً فيه بقوله :﴿من ربي﴾ أي الذي أوجدني وأحسن إليّ بالرسالة وغيرها يشهد بصحة دعواي شهادة لا يتطرق إليها عند المنصفق شبهة فكيف بالظن! ﴿وآتاني﴾ فضلاً منه عليّ لا لمعنى فيّ أزيد عليكم به، بل ﴿رحمة﴾ أي إكراماً بالرسالة بعد النبوة، وعظمها بقوله :﴿من عنده﴾ فيها فضل عظيم النور واضح الظهور.