كائناً من كان وإن ازدروه بقوله :﴿ولا أقول للذين﴾ أي لأجل الذين ﴿تزدري﴾ أي تحتقر ﴿أعينكم﴾ أي تقصرون به عن الفضل عند نظركم له وتعيبونه ﴿لن يؤتيهم الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿خيراً﴾ ولماكان كأنه قيل : ما لك لا نقول ذلك ؟ أجاب بما تقديره : لأني أعلم ضمائرهم ولا أحكم إلا على الظاهر :﴿الله﴾ أي المحيط بكل شيء ﴿أعلم﴾ أى حتى منهم ﴿بما في أنفسهم﴾ ومن المعلوم أنه لا يظلم أحداً، فمن كان في نفسه خير جازاه عليه، ويجوز أن يكون هذا راجعاً إلى ﴿بادي الرأي﴾ بالنسبة إليه ﷺ كما تقدم ؛ ثم علل كفه عن ذلك بقوله مؤكداً لإنكارهم ظلمه على ذلك التقدير :﴿إني إذاً﴾ أي إذا قلت لهم ذلك ﴿لمن الظالمين﴾ أى العريقين في وضع الشيء في غير موضعه ؛ والخزائنك أخبية لالمتاع الفاخرة، وخزائن الله مقدوراته لأنه يوجد منها ما يشاء، وفي وصفها بذلك بلاغة ؛ والغيب : ذهاب الشيء عن الإدراك، ومنه الشاهد خلاف الغائب، وإذا قيل : علم غيب، كان معناه : علم من غير تعليم ؛ والازدراء : الاحتقار، وهو افتعال من الزراية، زريت عليه - إذا عبته، وأزريت عليه - إذا قصرت به ؛ والملك أصله مألك من الألوكة وهي الرسالة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢٥