ولما بين أنهم إنما هم في قبضته سبحانه، زاد في بيان عظمته وأن إرادته تضمحل معها كل إرادة في سياق دال على أنه بذلك ناصح لهم وأن نصحه خاص بهم، فقال جواباً لما وهموا من أن جداله لهم كلام بلا طائل :﴿ولا ينفعكم نصحي﴾ وذكر إرادته لكا يريد أن يذكره من إرادة الله فقال :﴿إن أردت﴾ أى جمعت إلى فعل النصح إرادة ﴿أن أنصح لكم﴾ بإعلام موضع الغي ليتقى والرشد ليتبع، وجزاءه محذوف تقديره : لا ينفعكم نصحي ﴿إن كان الله﴾ أي الذي له المر كله ﴿يريد أن يغويكم﴾ أي يضلكم ويركبكم غير الصواب فإنه إرادته سبحانه تغلب إرادتي وفعلي معاً لا ينفعكم شيء إشارة إلى أنكم لا تقدرون على دفع العذاب بقوة فتكونوا غالبين، ولا بطاعة فتكونوا محبوبين مقربين إن كان الله يريد إهلاككم بالإغواء، وأن أردت أنا نجاتكم، ولم يقل : ولا ينفعكم نصحي إن نصحت لكم، إشارة إلى أني لا أملك إلا إرادتي لنصحكم، فإذا أردته فغاية ما يترتب عليه من فعلي وقوع النصح وإخلاصه لكم، وأما النفع به فلا شيء منه إليّ، بل هوتابع لمراد الله، فإن أراد غوايتكم حصلت لا محالة، ولم يقع ما قد يترتب على النصح من عمل المنصوح بمقتضاه المستجلب لنفع المستدفع للضر ؛ ثم رغبهم في إحسانه ورهبهم من انتقامه معللاً لعدم ما لا يريده :﴿هو ربكم﴾ أي الموجد لكم المدبر لأموركم فهو يتصرف وحده لما يريد.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢٥
ولما كان التقدير : فمنه مبدؤكم، عطف عليه قوله :﴿وإليه﴾ أي لا إلى غيره ﴿ترجعون*﴾ أي بايسر أمر وأهونه بالموت ثم البعث فيجازيكم على أعمالكم كما هي عادة الملوك مع عمالهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢٥