قبح مثل هذه الحال وأنها حال المعاندين، فرجعوا تكرماً وتمادياً في البعاد كما تمادى قوم نوح فيحل بهم ما حل بهم، أي هل رجعوا بهذا المقدار من قصة قوم نوح أم هم
٥٢٨
مستمرون على ما نسبوك إليه في أولئل السورة من افترائه فيحتاجون إلى تطميل القصة بما وقع من عذابهم ليخافوا مثل مصابهم ؛ وافتراء الكذب : افتعاله من قبل النفس فهو أخص من مطلق الكذب لأنه قد يكون تقليداً للغير.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢٨
ولما فرغ نم هذه الجملة التي هي من هذه الجملة التي هي المقصود بهذا السياق كله وإن كانت اعتراضية في هذه القصة، رجع إلى إكمالها بياناً لأن نوحاً عليه السلام كان يكاشف قومه بجميع ما أمر به وإن عظمت مشقته عليهم بحيث لم يكن قط موضع رجاء لهم في أن يترك شيئاً منه وتحذيراً لكل من سمع قصتهم من أن يحل به ما حل بهم فقال :﴿وأوحي﴾ أي من الذي لاموحي إلا هو وهو ملك الملوك ﴿إلى نوح﴾ بعد تلك الخطوب ﴿أنه لن يؤمن﴾ بما جئت به ﴿من قومك إلا من﴾ ولما كان الذي يجيب الإنسان إلى ما يسأله فيه يلوح عليه مخايل قبل الإجابة يتوقع السائل بها الإجابة، قال :﴿قد آمن فلا﴾ أى فتسبب عن عملك بأنه قد تم شقاءهم أنا نقول لك : لا ﴿تبتئس﴾ أي يحصل لك بؤس، أي شدة يعظم عليك خطبها بكثرة تأملك في عواقبها ﴿بما كانوا﴾ أي بما جبلوا عليه ﴿يفعلون*﴾ فإنا نأخذ لك بحقك منهم قريباً، وكأنه كان أعلمه أنهم إن لم يجيبوه أغرقهم وأنجاه ومن معه في فلك يحملهم فيه على متن الماء فقال :﴿واصنع الفلك﴾ حال كونك محفوظاً ﴿بأعيننا﴾ نحفظط أن تزيغ في عملها، وجمع مبالغة في الحفظ واللعاية على طريق التمثيل ﴿ووحينا﴾ فنحن نلهمك أصلح ما يكون من عملها وأنت تعلم ما لنا من العظمة التي تغلب كل شيء ولا يتعاظمها شيء، فلا تهتم بكونك لا تعرف صنعتها ؛ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الل أوحى إليه أن يصنعه مثل جؤجؤ الطائر - أي صدره.