ولما أمرهم بتركها لذلك، أكد المر بنهيهم عن أذاها فقال :﴿ولا تمسوها بسوء﴾ فضلاً عما بعد المس ﴿فيأخذكم﴾ أي أخذ قهر بسبب ذلك المس وعقبه ﴿عذاب أليم*﴾ أى مؤلم ولما أمرهم ونهاهم، ذكر لهم ترغيباً مشيراً إلى ترهيب فقال :﴿واذكوا﴾ أي نعمة الله عليكم ﴿إذ جعلكم خلفاء﴾ أي فيما أنتم فيه ﴿من بعد عاد﴾ أي إهلاكهم ﴿وبوأكم في الأرض﴾ أي جعل لكم في جنسها مسامن تبوءون أي ترجعون إليها وقت راحتكم، سهل عليكم من عملها في أي أرض أردنم ما لم يسهله على غيركم، ولهذا فسر المراد بقولم :﴿تتخذون﴾ أي بما لكم من الصنائع ﴿من سهملها قصوراً﴾ أي أبنية بالطين واللبنوالآجر واسعة عالية حسنة يقصر أمل الآمل ونظر الناظر عليها مما فيها من المرافق والمحاسن ﴿وتنحتون الجبال﴾ أي أيّ جبل أرتم تقدرونها ﴿بيوتاً﴾ ولما ذكرها بهذه النعم مرغباً، كرر ذلك إشارة وعبارة فقال مسبباً عما ذكرهم به :﴿فاذكروا﴾ أى إذعان ورغبة ورهبقة ﴿الآء﴾ أي نعم ﴿الله﴾ أى الذي له صفات الكمال فلا حاجة به إلى أحد، فإحسانه هو الإحسان في الحقيقة ﴿ولا تعثوا في
٥٧
الأرض﴾
من العثي وهو الفساد، وهو مقلوب عن العيث - قاله ابن القطاع، وحينئذ يكون قوله :﴿مفسدين*﴾ بمعنى معتمدين للفساد.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٦


الصفحة التالية
Icon