ولما تمت قصتهم على هذا الوجه لابديع والأسلوب المطرب، قال تعالى عاطفاً على قوله ﴿تلك من أنباء الغيب﴾ :﴿وتلك عاد﴾ أي قصة القوم البعداء البغضاء، ما كنت تعلمها على هذا التفصيل أنت ولا قومك ولا أهل الكتاب، وإنما نفيت عن أهل الكتاب لأنهم لا يعلمون إلا ما له أصل 'ن أنبيائهم، وهذه وقصة ثمود ليستا في التوراة ولا شيء من أسفار أنبيائهم، وسألت بعض علمائهم فلم أجد عنده شيئاً من علمها ولا حرفاً واحداً ولا سمع بعاد ولا هود، وتلخيص قصتهم أنهم ﴿جحدوا﴾ أي كذبوا عناداً واستهانة ﴿بآيات ربهم﴾ المحسن إليهم ﴿وعصوا رسله﴾ فإن من عصى واحداً منهم فقد عصى الكل لاتفاقهم على أمر واحد مع التساوي في مطلق المعجزة ﴿واتبعوا﴾ أي بغاية جهدهم ﴿أمر كل جبار﴾ ي قاهر بليغ القهر يجبر غيره على ما يريد، وهذا يدل على أنه لا عذر في أصل الدين بوجه فإن الضمائر لا يعلمها إلاالله فيمكن كل أحد مخالفة الجبار فيه ﴿عنيد*﴾ أي طاغ باغ لا يقبل الحق بوجه، فأهلكوا ولم يمنعهم تجبرهم ولا أغنى عنهم عنادهم وتكبرهم ﴿وأًتبعوا﴾ جميعاً بعد إهلاكهم بأيسر وجه لعظيم قدرة المتبع ﴿في هذه الدنيا﴾ حقرها في هذها لعبارة بما أشارت غليه الإشارة مع التصغير، وبمادل على الدنو وبأن من اغتر بها فهو ممن وقف مع الشاهد لما له من الجمود ﴿لعنة﴾ أي طرداً وبعداً وإهلاكاً ﴿ويوم القيامة﴾ أي كذلك بل اشد، فكأنه قيل : أفما لمصيبتهم من تلاف ؟ فقيل : لا، ﴿ألا﴾ مفتتحاً للإخبار عنهم بهذه الأداة التي لا تذكر إلا بين يدي كلام يعظم موقعه ويجل خطبه، والتأكيد في الإخبار بكفرهم تحقيق لحالهم، وفيه من أدلة النبوة وأعلام الرسالة الرد على أغناهم بأن قالوا : إنهم من المقربين إلى الله وإ، هم بعين الرضى منه، فالله المسؤول في الإدالة عليهم وشفاء الصدور منهم، وهم أتبع ابن عربي الكافر العنيد أخهل الاتحاد، المجاهرون بعظيم الإلحاد، المستخفون برب العباد، بل عداه إعظاماً لطغيانهم فقال :﴿ربهم﴾


الصفحة التالية
Icon