علينا، فإنا لا نتأذى بذلك، بل نتلذذ من يلقى الوعد الحسن، وحاصله التهكم منهم به والإشارة إلى عدم قدرته ؛ وأكدوا ذلك بقولهم بأداة الشك :﴿إن كنت من المرسلين*﴾ أى الذين سمعنا أخبارهم فيما مضى ؛ ثم سبب عن عتوهم قوله :﴿فأخذتهم الرجفة﴾ أي التي كانت عنها أو منها الصحية، أخذ من هو في القبضة على غاية من الصغار والحقارة، ولعل توحيد الدار هنا مع الرجفة في قصة صالح وشعيب عليهم السلام في قوله تعالى :﴿فأصبحوا في دارهم﴾ أى مساكنهم، وجمعها في القصتين مع الصحية، في سورة هود عليه السلام للإشارة إلى عظم الزلزلة والصحية في الموضعين، وذلك لن الزلزلة إذا كانت في شيء واحد كانت أمكن، فتكون في المقصود من النكال أعظم، والصحية من شأنها الانتشار، فظغذا عمت الأماكن المتنائية والديار المتباعدة فأهلكت اهلها ومزقت جماعتها وفرقت شملها، كانت من القوة المفرطة والشدة البالغة بحيث تنزعج من تأمل وصفها النفوس وتجب له القلوب، وحاصلة أنه حيث عبر بالرجفة وحد الدار إشارة إلى شدة العذاب بعظم الاضطراب، وحيث عبربالرجفة وحد الدارإشارة إلىشدة العذاب بعظم الاضطراب، وحيث عبر بالصيحة جمع إيماء إلى عموم الموت بشدة الصوت، ولا مخالفة لأن عذابهم كان بكل منها، ولعل إحداهما كانت سبباً للأخرى، ولعل المراد بالرجفة اضطراب القلوب اضطراباً قطعياً، أو أن الدار رجفت فرجفت القلوب وهواقرب، وخصت الأعراف بما ذكر فيها، لأن مقصودها إنذار المعرضين، والرجفة أعظم قرعاً لعدم الإلف لها - والله اعلم ﴿جاثمين*﴾ أي باركين على ركبهم لازمين اماكنهم لا حراك بأحد منهم، ولم يبق منهم في تلك الساعة أحد إلا رجل واحد كان في الحرم، فلما خرج منه اصابه ما أصاب قومه وهو ابو رغال، ومسافة الحرم عن ارضيهم تزيد على مسيرة عشرة أيام، ومن الآيات العظيمة أن ذلك الذي خلع قلوبهم وأزال ارواحهم لم يؤثر في صالح عليه السلام والمستضعفين معه شيئاً وذلك مثل الريح التي زلزلت الأحزاب،


الصفحة التالية
Icon