ولما كان الحاصل ما دعاهم إليه ترك ما كان عليه آباؤهم من السفه في حق الخالق بالشرك والخلائق بالخيانة، وكان ذلك الترك عندهم قطيعة وسفهاً، كن ذلك محكاً للعقول ومجزاً للآراء يعرف به نافذها من جامدها، فكان كأنه قيل : ما قالوا ؟ فقيل :﴿قالوا يا شعيب﴾ سموه باسمه جفاء وغلظة وانكروا عليه مستهزئين بصلاته ﴿اصلاتك تأمرك﴾ أي تفعل معك فعل من كان يأمر دائماً بتكليفنا ﴿أن تنرك ما يعبد﴾ أي على سبيل المواظبة ﴿آباؤنا أو﴾ نترك ﴿أن نفعل﴾ أي دائماً ﴿في أموالنا ما نشاء﴾ من قطع الدهم والدينار وإفساد المعاملة والمقامرة ونحوها مما يكون إفساداً للمال، يعنون أن ما تأمرناا به لا يمشي عل منهاج العقل، فما يأمرك به إلا ما نواك تفعله من هذا الشيء الذي تسميه صلاة، أي أنه من وداي : فعلك للصلاة ؛ ومادة صلا - واوية ويائية مهموزة وغير مهموزة بجميع تقاليبها - تدور على الوصلة، فالصلاة لصلة العبد بربه، وكذا الدعاء والاستغفار، وصلوات اليهود : كنائسهم اللاتي تجمعهم، والصلا : وسط الظهر ومجمعه وما حول الذني أيضاً، والمصلى من الخيل : التابع للسباق، وصال الفحل - إذا حمل على العنة، ولصوت الرجل واَصَيته : عبته، كأنك ألصقت به العيب، والواصلة واضحة في ذلك، وكأنها الحقيقة التي تفرعت منها جميع معاني المادة، وسيأتي شرح ذلك عند
٥٦٦