ولما كان الشرط في حذف الفعل بعد " لما " الجازمة أن يكون مما يتوقع بوقوع فعل قبلها يدل عليه، كان التقدير : يقض بينهم، وسيقضي وهو معنى ما قرن بعدها بلام القسم من قوله :﴿ليوفينهم ربك﴾ أي المحسن إليك بإقامتك على المنهاج والأعدل والفضل من العباد ﴿أعمالهم﴾ لا يدع منها شيئاً لأ، ه لا يخفى عليه منها شيء، والسياق يقتضي أن يكون ﴿ما﴾ في ﴿لما﴾ في قراءة التخفيف للتأكيد على النحو الذي مر غير مرة أن النافي إذا زيد في سياق الإثبات كان كأنه نفي النقيض تأكيداً لمثبت ﴿إنه بما يعملون﴾ قدم الظرف لتأكيد الخبر ﴿خبير﴾ فإذا علمت أن شأنك في أمتك لمثبت ﴿إنه بما يعملون﴾ قدم الظرف لتأكيد الخبر ﴿خبير﴾ فإذا علمت أن شأنك في أمتك شأن الرسل في أممهم وأنه لا بد من الاختلاف في شأن الرسول والكتاب كما جرت بذلك السنة الإلهية وأن الجزاء بالأعمال كلها لا يد منه ﴿فاستقم﴾ أي أوجد القوم بغاية جهدك بسبب أنك لا تلكف إلاّ نفسك وأن الذي ارسلك لا يغفل عن شيء، ومن استقام استقيم له.
ولما كان من المقطوع به أن الآمر له ﷺ مَن له الأمر كله، بني للمفعول قوله :﴿كمآ أمرت﴾ أي كما استقام إخوانك من الأنبياء في جميع الأصول والفروع سواء كان في نفسك أو في تبليغ غيرك معتدلاً بين الإفراط والتفريط ولا يضيق صدرك من استهزائهم وتعنتهم واقتراحهم للآيات وإرادتهم أن تترك بعض ما يوحى إليك من التشنيع عليهم والعيب لدينهم بل صارحهم بالأمر واتركهم وأهواءهم، نحن ندبر الأمر كما نريد على حسب ما نعلم.