كان المقصود بيان أنهم اسرعوا إجابته بما ينكيه اضمر ما لا يشكل بالإضمار، أو أنه لما كان السياق لبيان الخبيث بين أنه لا اخبيث من هؤلاء الذين بلغ من رذالتهم أنهم عدوا الطاهرين المتطهرين مما يصان اللسان عن ذكره فقال تعالى مشيراً ذلك في حكاية قولهم :﴿أخرجوهم﴾ أى المحدث عنهم، وهم لوط ومن انضم إليه ﴿من قريتكم﴾ والمراد ببيان الإسراع في هذا تسلية النبي ﷺ من رد قومه لكلامه لئلا
٦٣
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦١
يكون في صدره حرج من إنذارهم، ثم عللوا إجراجهم بقولهم :﴿إنهم أناس﴾ أي ضعفاء ﴿يتطرون﴾ وكأنهم قصدوا بالتفعيل نسبتهم إلى محبة هذا الفعل القبيح، وأن تركهم له هم تصنع وجهة وإظهار له رياء بما اشار إليه إظهار تاء التفعيل، وفيه مع ذلك حرف من السخرية، وحصرجوابهم في هذا المعنى المؤدي بهذا اللفظ لا يتنافى آية العنكبوت القائلة ﴿فما كان جواب قومه إلا قالواائتنا بعذاب الله﴾، لأن إطلاق الجواب على هذا يجوز، والمهنى : فما كان قولهم في جوابه إلا إتيانهم بما لا يصلح جواباً، وذلك مضمون هذا القول وغيره مما لا يتعلق بالجواب، أو أن هذا الجواب لما كان - لما فيه من التكذيب والإيذان بالإصرار والإغلاظ لرسول الله ﷺ مستلزماً للعذب، كانوا كانهم نطقوابه فقالوا ﴿ائتنا بعذاب الله﴾، حعل نطقهم بالسبب نطقاً بالمسبب، أنهم استعملوا لكل مقام مقالاً، ويؤيده أن المعنى لما اتحد هنا وفي النمل حصر الجواب في هذا، أى فما كان جوابهم لهذا القول إلا هذا ؛ ولمازادهم في العنكبوت في التقريع فقال :﴿ائتكم لتاتون الرجال وتقطعون السبيل وتاتون فيناديكم المنكر﴾ [العنكبوت : ٢٩] أتوه بابلغ من هذا تكذيباً واستهزاء فقالوا ﴿ائتنا بعذاب الله﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon