ولما كان ما جمعه أصل واحد ظاهر أغرب أخر قوله :﴿ونخيل صنوان﴾ فروع متفرقة على أصل واحد ﴿وغير صنوان﴾ باعتبار افتراق منابتها وأصولها ؛ قال أبو حيان : والصنو : الفروع يجمعه وآخر أصل واحد، وأصله المثل، ومنه قيل للعم : صنو وقال الرماني : والصنوان : المتلاصق، يقال : هو ابن أخيه صنو أبيه أي لصيق أبيه في ولادته، وهو جمع صنو، وقيل : الصنوان : النخلات التي أصلها واحد - عن البراء بن عازب وابن عباس ومجاهد وقتادة رضي الله عنهم ؛ وقال الحسن رضي الله عنه : الصنوان : النخلتان أصلها واحد - انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٢
وهو تركيب لا فرق بين مثناه وجمعه إلا بكسر النون من غير تنوين وإعرابها مع التنوين، وسيأتي في ياس إن شاء الله تعالى سر تسمية الكرم بالعنب.
١٢٤
ولما كان الماء بمنزلة الأب والأرض بمنزلة الأم، وكان الاختلاف مع اتحاد الأب والأم أعجب وأدل على الإسناد إلى الموجد المسبب، لا إلى شيء من الأسباب، قال :﴿ويسقى﴾ أي أرضها الواحدة كلها ﴿بماء واحد﴾ فتخرج اغصانها وثمراتها في وقت معلوم لا يتأخر عنه ولا يتقدم بعد أن يتصعد الماء فيها علوّاً ضد ما في طبعه من التسفل، ثم يتفرق في كل من الورق والأغصان والثمار بقسطه مما فيه صلاحه ﴿ونفصل﴾ أي بما لنا من العظمة للطاعة ﴿بعضها﴾ أي بعض تلك الجنات وبعض أشجارها ﴿على بعض﴾ ولما كان التفضيل على أنحاء مختلفة، بين المراد بقوله :﴿في الأكل﴾ أي الثمر المأكول، ويخالف في المطعوم مع اتحاد الأرض وبعض الأصول، وخص الأكل لأنه أغلب وجوه الانتفاع، وهو منبه على اختلاف غيره من الليف والسعف واللون للمأكول والطعم والطبع والشكل والرائحة والمنفعة وغيرها مع أن نسبة الطبائع والاتصالات الفلكية إلى جميع الثمار على حد سواء لا سيما إذا رأيت العنقود الواحد جميع حباته حلوة نضيجة كبيرة إلا واحدة فإنها حامضة صغيرة يابسة.