ولما كان المراد في هذا السياق - كما تقدم - تفضيل ما نبه على كثرته بقوله :﴿وكأين من آية في السماوات والأرض﴾ الآية، قال :﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم الذي تقدم ﴿لآيات﴾ بصيغة الجمع فإنها بالنظر إلى تفصيلها بالعطف جمع وإن كانت بالنظر إلى الماء مفردة، وهذا بخلاف ما يأتي في النحل لأن المحدث عنه هناك الماء، وهنا ما ينشأ عنه، فلما اختلف المحدث عنه كان الحديث بحسبهن فالمعنى : دلالات واضحات على أن ذلك كله فعل واحد مختار عليم قادر على ما يريد من ابتداء الخلق ثم تنويعه بعد إبداعه، فهو قادر على إعادته بطريق الأولى.
ولما كانت هذه المفصلة أظهر من تلك المجملة، فكانت من الوضوح بحال لا يحتاجناظره في الاعتبار به إلى غير العقل، قال :﴿لقوم﴾ أي ذوي قوة على ما يحاولونه ﴿يعقلون﴾ فإنه لا يمكن التعبير في وجه هذه الدلالة إلا بأن يقال هذه الحوادث السفلية حدثت بغير محدث، فيقال للقائل : وأنت لا عقل لك، لأن العلم بافتقار الحادث إلى المحدث ضرورة، فعدم العلم بالضروري يستلزم عدم العقل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٢
١٢٥