رحمها ﴿كل أنثى﴾ أي الماء الذي يصلح لأن يكون حملاً ﴿وما تغيض﴾ أي تنقص ﴿الأرحام﴾ من الماء فتنشفه فيضمحل لعدم صلاحيته لأن يكون منه ولد، وأصل الغيض - كما قال الرماني : ذهاب المائع في العمق الغامض، وفعله متعد لازم ﴿وماتزداد﴾ أي الأرحام من الماء إلى الماء الذي قدر تعالى كونه حملاً فيكون توأماً فأكثر في جماع آخر بعد حمل الأول كما صرح بإمكان ذلك ابن سينا وغيره من الأطباء، وولدت في زماننا أتان حماراً وبغلاً، وذلك لأن الزيادة ضم شيء إلى المقدار وكثرته شيئاً بعد شيء فيقدر ذلك، ولا يمكن أحداً زيادته ولا نقصانه، وذلك كله يستلزم الحكمة فلذا ختمه بقوله :﴿وكل شيء﴾ أي من هذا وغيره من الآيات المقترحات وغيرها ﴿عنده﴾ أي في قدرته وعلمه ﴿بمقدار*﴾ في كيفيته وكميته لا يتجاوزه ولا تقصر عنه، لأنه عالم بكيفية كل شيء وكميته على الوجه المفصل المبين، فامتنع وقوع اللبس في تلك المعلومات وهو قادر على ما يريد منها، فالآية بيان لقوله تعالى :﴿الذين كفروا بربهم﴾ من حيث بين فيها تربيته لهم على الوجه الذي هم له مشاهدون ويه معترفون.
ولما كان هذا عيباً وكان علمه مستلزماً لعلم الشهادة، وكان للتصريح مزية لا تخفي، صرح به على وجه كلي يعم تك الجزيئات وغيرها فقال :﴿عالم الغيب﴾ وهو ما غاب عن كل مخلوق ﴿والشهادة﴾ قال الرماني : الغيب : كون الشيء بحيث يخفى عن الحس، والشهادة : كونه بحيث يظهر له.


الصفحة التالية
Icon