ولما كان العلم والحكمة لا يتمان إلا بكمال القدرة والعظمة قال :﴿الكبير﴾ أي الذي يتضاءل عنده كل ما فيه صفات تقتضي الكبر، قال الإمام أبو الحسن الحرالي : والكبر : ظهور التفاوت في ظاهر وباهر القدر الذي لا يحتاج إلى فكر، ولذلك كان فطرة للخلق أن الله أكبر، ولما كان لا ظاهر قدر للخلق لما عليهم من بادي الضروريات والحاجات المعلنة بصغير بالقدر، ومن حاول منهم أن يكبر بسطوة أو تسلط وفساد زاد صغار قدره بما اكتسب في أعين أرباب البصائر في الدنيا، ويبدو ذلك منه لعيون جميع الخلق في الأخرى " يحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذي يطؤهم الناس بأقدامهم " فلذلك اختصاص معنى أنه لا كبير إلا الله - انتهى.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٧
المتعال*﴾
أي الذي لا يدنو - من أوج علوه في ذات أو صفة أو فعل -عالٍ، وأخرجه مخرج التفاعل ليكون أدل على المعنى وأبلغ فيه ؛ وقال أبوالحسن الحرالي رحمه الله : والتعالي : فوت التناول والمنال
١٢٩
بحكم أو حجة، وأشعر التفاعل بما يجري من توهم المحتجين في أمره بأوهام حجج داحضة ﴿حجتهم داحضة عند ربهم﴾ [الشورى : ١٦] فهو تعالى يأذن في الاحتجاج والجدال ثم يتعالى بما له من الحجة البالغة ﴿قل فلله الحجة البالغة﴾ [الأنعام : ١٤٩] فهو المتعالي علماً وحكماً وحجة، وحقيقة المتعالي الذي لا يتعالى إلا هو - انتهى.
والحاصل أنه لما وصف نفسه مما تقدم، أشار إلى أن ذلك على ما تحتمله العقول وأن الحق في وصفه الكبر المطلق والتعالي المطلق، لأن العقول لا تحتمل أكثر من ذلك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٧


الصفحة التالية
Icon