ولما مضى في غير آية أنهم معترفون بربوبيته مقرون بخلقه ورزقه ثم لم يزعهم ذلك عن الإشراك، جعلوا هنا كأنهم منكرون لذلك عناداً، فلم ينتظر جوابهم بل أمره أن يجيبهم بما يجيبون به، إشارة إلى أنهم لا يتحاشون من التناقض في اتباع الهوى ولا تصونهم عقولهم الجليلة وآراؤهم الأصلية - بزعهما - عن التساقط في مهاوي الردى، فقال :﴿قل الله﴾ أي الذي له الأمر كله، فثبت حينئذ أن لا ولي إلا هو، فتسبب عن ذلك توجه الإنكار عليهم في اعتماد غيره، فأمره بالإنكار في قوله :﴿قل أفاتخذتم﴾ أي
١٣٨
فتسببتم عن انفراده بربوبيتكم أن أوجدتم الأخذ بغاية الرغبة، فتسببتم الإشراك عما يجب أن يكون سبب التوحيد، وبين سفول رتبتهم بقوله :﴿من دونه أولياء﴾ لا يساوونكم في التسبب في الضر والنفع، بل ﴿لا يملكون لأنفسهم﴾ فكيف بغيرهم ﴿نفعاً﴾ ونكره ليعم، وقدمه لأن السياق لطلبهم منهم، والإنسان إنما يطلب ما ينفعه.


الصفحة التالية
Icon