ولما كان من المعلوم أنه لا قدرة لأحد على أن يؤثر في آخره أثراً لا يقدر على مثله في نفسه قال :﴿ولا ضرّاً﴾ فثبت أن من سواهم بالله أضل الضالين، لأنه يلزمه أن يسوي بين المتضادات، فكان معنى قوله :﴿قل هل يستوي﴾ والاستواء : استمرار الشيء في جهة واحده ﴿الأعمى﴾ في عينه أو في قلبه ﴿والبصير*﴾ كذلك ﴿أم هل تستوي﴾ بوجه من الوجوه ﴿الظلمات والنور*﴾ : هل أدتهم عقولهم إلى أن سووا بين هذه المتضادات الشديدة الظهورلغباوة أو عناد حتى سووا من يخلق بمن لا يخلق، فجعلوا له شريكاً كذلك لغباوة أو عناد ﴿أم جعلوا لله﴾ أي الذي له مجامع العظمة ﴿شركاء﴾ ثم بين ما يمكن أن يكون به الشركة، فقال واصفاً لهم :﴿خلقوا كخلقه﴾ وسبب عن ذلك قوله :﴿فتشابه﴾ والتشابه : التشاكل بما يلتبس حتى لا يفصل فيه بين أحد الشيئين والآخر ﴿الخلق عليهم﴾ فكان ذلك الخلق الذي خلقه الشركاء سبب عروض شبهة لهم، وساق ذلك في أسلوب الغيبة إعلاماً بأنهم أهل للإعراض عنهم، لكونهم في عداد البهائم لقولهم ما لايقل بوجه من الوجوه، وهذا قريب مما يأتي قريباً في قوله :﴿أم بظاهر من القول﴾ [الرعد : ٣٣].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٨
أي بشبهة يكون فيها نوع ظهور لبعض الأذهان.
ولما كان من المعلوم قطعاً أن جوابهم أن الخلق كله لله.