ولم يمنعهم ذلك من تأله سواه، أمره أن يجيبهم معرضاً عن جوابهم فقال ﴿قل الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿خالق كل شيء﴾ إشارة إلى أنهم في أحوالهم كالمنكر لذلك عناداً أو خرقاً لسياج الحياء وهتكاً لجلباب الصيانة، وإذ قد ثبت أنه المنفرد بالخلق وجب أن يفرد بالتأله فقال :﴿وهو الواحد﴾ الذي لا يجانسه شيء، وكل ما سواه لا يخلو عن مجانس يماثله، وأين رتبة من يماثل من رتبة من لا مثل له ﴿القهار*﴾ الذي لكل شيء غالب، وهذا إشارة - كما مضى في مثله له ﴿القهار*﴾ الذي كل شيء تحت قهره بأنفسهم وظلالهم، وهو القادر بما لا يمكن أن يغلبه غالب وهو لكل شيء غالب، وهذا إشارة - كما مضى في مثله غير مرة في سورة يوسف وغيرها - إلى برهان التمانع، فإن أربابهم متعددون، فلو كانمت لهم حياة وكانوا متصرفين في الملك لأمكن بينهم تمانع وكان منهم معرضاً لأن يكون مقهوراً، فكيف وهم جماد! فثبت قطعاً أنه لا شيء منهم يصلح للإلهية على تقدير من التقادير ؛ قال الرماني : والواحد على وجهين : شيء لا ينقسم أصلاً، وشيء في معنى كالدنيا.
١٣٩
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٨