ولما علم من ذلم أن بعضهم لا يؤمن، ضاقت صدور المؤمنين لذلك لما يعاينونه من أذى الكفار فأتبعه ما يسليهم عاطفاً على ما قدرته من نتيجة عدم المشيئة، فقال :﴿ولا يزال الذين كفروا﴾ أي ستروا ضياء عقولهم ﴿تصيبهم بما صنعوا﴾ أي مما مرنوا عليه من الشر حتى صار لهم طبعاً ﴿أو تحل﴾ أي تنزل نزولاً ثانياً تلك القارعة ﴿قريباً من دارهم﴾ أي فتوهن أمرهم ﴿حتى يأتي وعد الله﴾ أي الملك الأعظم بفتح مكة أو بالنصر على جميع الكفرة في زمن عيسى عليه السلام فينقطع ذلك، لأنه لا يُبقي على الأرض كافراً، وفي غير ذلك من الأزمان كزمن فتح مكة المشرفة، فيكون المعنى خاصاً بالبعض ﴿إن الله﴾ أي الذي له مجامع الكمال ﴿لا يخلف الميعاد﴾ أي الوعد ولا زمانه ولا مكانه ؛ والوعد : عقد الخبر بتضمن النفع، والوعيد : عقده بالزجر والضر، والإخلاف : نقض ما تضمن الخبر من خير أو شر.
١٥٣
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٠
ولما تم الجواب عن كفرهم بالموحي وما أوحاه إليه وما اشتد تعلقه به، عطف على ذلك تأسية بالموحى إليه ﷺ، لأن الحاث على تميز الإجابة إلى الآيات المقترحات استهزاء الكفار، فقال :﴿ولقد استهزىء﴾ أي من أدنى الخلق وغيرهم ﴿برسل﴾.