﴿إني ألقي إليَّ كتاب كريم﴾ [النحل : ٢٩] أي رفيع شريف - كأنه أطلق هنا على ما فيه مجرد فضل تشبيهاً بالكريم في جزء المعنى، وكارمت الرجل : فعل كل منا في حق صاحبه مقتضى الكرم، والكرم : شجر العنب ولا يسمى به غيره، والكروم : قلائد تتخذها النساء كالمخانق، لدلالتها على قدر صاحبتها، والكرامة : طبق يوضع على رأس الحب - لأنه غطاءه، ولا يغطي إلا ما له فضل، ومنه يقولون : لك الحب والكرامة، والكرم : القصير من الرجال - كأنه شبه بطبق الحب ؛ والكمرة - محركة : طرف قضيب الإنسان خاصة، سميت بذلك لسترها القلفة، ورجل مكمور - إذا قطع الخاتن كمرته، وتكامر الرجلان - إذا تكابرا بأيريهما، وقال في القاموس : وتكامرا : نظراً أيهما أعظم كمرة، والكمري : الرطب ما لم يرطب على شجره، بل سقط بسراً فأرطب في الأرض - كأنه سمي بذلك لأنه يكون أكدر مما يرطب على الشجر، وهو أيضاً يشبه الكمرة في تكوينها، والكمري عن ابن دريد : الرجل القصير، كأنه شبه بالرطبة، وقال غيره : وهو اسم مكان.
ولما ذكر تزيين مكرهم، أتبعه الدلالة عليه فقال :﴿وصدوا﴾ أي فلزموا ما زين لهم، أو فمكروا به حتى ضلوا في أنفسهم وصدوا غيرهم ﴿عن السبيل﴾ الذي لا يقال لغيره سبيل وهو المستقيم، فإن غيره وتيه وحيرة فهو عدم، بل العدم أحسن منه،
١٥٦