١٨٦
قوباً، وأصفاهم عقولاً.
وأنفذهم أفكاراً، وأمتنهم آراء، فمن ألزم منهم بطريق النجاة ومن أحذر منهم لطرق الهلاك ؟ مع ما أوقعوا أنفسهم فيه من هذا الداء العضال.
ولما تقرر أنهم علىالضد من جميع ما يدعونه فكانوا بذلك أهلاً للإعراض عنهم، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمعرض أن يقول : فماذا افعل بهم وقد امرتني بإخراجهم إلى صراطك ؟ أمره أن يدق أعناقهم بإخبارهم أن ما أضلهم من النعم إنما هو استدراج، فقال :﴿قل﴾ أي تهديداً لهم فإنهم لا يشكون في قولك وإن عاندوا :﴿تمتعوا﴾ وبالغوا في فعل البهائم مهما قدرتم، فإن ذلك ضائركم غير نافعكم ﴿فإن مصيركم﴾ أي صيرورتكم ﴿إلىالنار*﴾ بسبب تمتعكم على هذا الوجه.
ولما ذكر كفرهم وضلالهم عن السبيل وما أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن يقول لهم، وكان ذلك محركاً لنفس السامع إلى الوقوف على ما يقال لمن خلع الأندادـ وكان أوثق عرى السبيل بعد الإيمان وأعمها الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر، والنفقة الشاملة لوجوه البر، أمرة تعالى أن يندب أولياءه إلى الإقبال إلى ما أعرض عنه أعداؤه، والإعراض عما أقبلوا بالتمتع عليه من ذلك، فقال ﴿قل لعبادي﴾ فوصفهم بأشرف أوصافهم، وأضافهم إلى ضميره الشريف تحبيباً لهم فيه، ثم أتبع هذا الوصف ما يناسبه من إذعانهم لسيدهم فقال :﴿الذين آمنوا﴾ أي أجدوا هذا الوصف.