ولما كان قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحسن قول، فهو جالٍ لصدأ القلوب، وموجب لتهذيب النفوس، قال جازماً :﴿يقيموا الصلاة﴾ التي هي زكاة القوة وصلة العبد بربه ﴿وينفقوا﴾ وخفف عنهم بقوله :﴿مما رزقناهم﴾ أي بعظمتنا، فهو لنا دونهم، من أنواع النفقات المقيمة لشرائعه من الصدقات وغيرها، إتقاناً لما بينهم وبينه من الأسباب لينقذوا أنفسهم من النار، واقتصر على هاتين الخلتين لأنه لم يكن فرض في مكة غيرهما مع ما تقدم من فضلهما وعمومهما، ولعله سيق سياق الشرط تنبيهاً لهم على أن مجرد قوله ﷺ وعلى آله وسلم أقوى الأسباب فيجب عليهم ألا يتخلفوا عنه أصلاً ؛ ثم أشار إلى المداومة على هاتين الخصلتين بقوله :﴿سرأ وعلانية﴾ ويجوز أن يراد بالسر النافلة، وبالعلانية الفرض ؛ ثم رهب من تهاون في خدمته من اليوم الذي كان الإعراض عنه سبب الضلال، فقال مشيراً بالجار إلى قصر مدة أعمالهم :﴿من قبل أن يأتي يوم﴾ أي عظيم جداً ليس هو كشيء من الأيام التي تعرفونها ﴿إلا بيع فيه﴾ لأسير بفداء ﴿ولا خلال*﴾ أي مخالات وموادات يكون عنها شفاعة أو نصر، جمع خلة كقلة وقلال، أو هو مصدر، وذلك إشارة إلى أنه لا يكون شيء منهما سبباً لخلاص هالك.
١٨٧
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٦


الصفحة التالية
Icon