هواء*} أي عدم فارغة لا شيء فيها من الجرأة والأنفة التي يظهرونها الآن كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :
ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
والهواء : الخلاء الذي لم تشغله الأجرام، والنخب : الجبان، وكذا الهواء - قاله في القاموس.
فأنذرهم أهوال ذلك اليوم فإنه لا يبقى معهم فيه شيء مما هم فيه من
١٩٤
الإباء والاستكبار ﴿وأنذر﴾ أي يا محمد ﴿الناس﴾ جميعاً، ما يحل بهم ﴿يوم يأتيهم العذاب﴾ وينكشف عنهم الغطاء بالموت أو البعث.
ولما كانوا عند إتيان العذاب قبل الموت لا ينكسرون بالكلية، بين أنهم إذ ذاك على غير هذا، فقال عاطفاً على " يأتيهم " :﴿فيقول الذين ظلموا﴾ أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى الوجوه منهم ومن غيرهم بسبب إتيانه من غير تمهلن وقد زال عنهم ما يفتخرون به من الأنفة والحمية والشماخة والكبر لما رأوا من الأهوال التي لا قبل لهم بها ولا صبر عليها :﴿ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا بالخلق والرزق والتربية ﴿أخرنا﴾ أي أمهلنا ﴿إلى أجل قريب﴾ فإنك إن تؤخرنا إليه ﴿نجب دعوتك﴾ أي استدراكاً لما فرطنا فيه ؛ والإجابة : القطع على موافقة الداعي بالإرادة ﴿ونتبع﴾ أي بغاية الرغبة ﴿الرسل﴾ فيقال لهم : إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، أولم تكونوا تقولون : إن عرى صبركم لا تنحل، وحد عزائمكم لا يفل ؟ ﴿أولم تكونوا﴾ أي كوناً أنتم فيه في غاية المكنة ﴿اقسمتم﴾ أي جهلاً وسفهاً أو أشراً وبطراً.