أصلابهم، وأجاب سبحانه عن الأول بقوله مؤكداً لتكذيبهم :﴿إنا نحن﴾ أي على ما لنا من العظمة لا غيرنا من جن ولا إنس ﴿نزلنا﴾ أي بالتدريج على لسان جبريل عليه السلام ﴿الذكر﴾ أي الموعظة والشرف ﴿وإنا له﴾ أي بعظمتنا وإن رغمت أنوف الحاسدين ﴿لحفظون*﴾ أي دائماً، بقدرتنا وعلمنا، لما في سورة هود من أن ذلك لازم للحفظ فانتفى حينئذ جواز أن ينزل على مجنون مخلط لا سيما هود علىهذه الأساليب البديعة والمناهيج الرفيعة، فكأن المعنى : أرسلناك به حال كونك بشراً لا ملكاً قوياً سوياً، يعلمون أنك أكملهم عقلاً، وأعلاهم همة، وأيقنهم فكراً، وأتقنهم أمراً وأوثقهم رأياً، وأصلبهم عزيمة ؛ روى البخاري في التفسير والفتن عن زيد بين ثابت رضي الله عنه قال : أرسل إليّ أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة وعنده عمر رضي الله عنه، فقال أبو بكر : إن عمر أتاني فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس - وفي رواية : بقراء القرآن - وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في الموطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر : فقلت لعمر : كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ فقال عمر : هو والله خير! فلم يزل عمر يراحعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٦


الصفحة التالية
Icon