ولما كانت قلوب أهل الضلال موصوفة بالضيق والحرج، كان الداخل إليها لا يدخل إلا بغاية العسر، فلذلك قال جواباً لمن كأنه قال : أهذا خاص بهؤلاء ؟ فقيل : لا، بل ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا السلك العجيب الشأن، وعبر بالمضارع الدال مع التجدد على الاستمرار، لاقتضاء المقام له كما تقدم في أولها فقال :﴿نسلكه﴾ أي الذكر ﴿في قلوب المجرمين*﴾
٢٠٩
أي العريقين في الإجرام في كل زمن كما يسلك الخيط والرمح ونحوه فيما ينظر فيه من مخيط وغيره بغاية العسر، فلا يتسع له المحل فلا ينفع، حال كونهم ﴿لا يؤمنون به﴾ لشيء من الأشياء، لأن صدورهم لا تنشرح له كما رأيت سنتنا بذلك في قومك ﴿وقد خلت﴾ أي مضت من قبل هذا ﴿سنة﴾ أي طريقة ﴿الأولين*﴾ بذلك، ونحن قادرون على فعل ما نريد من تلك السنة بهذه الأمة من إهلاك وتيسير إيمان وغير ذلك، فهو ناظر إلى قوله ﴿وقرآن مبين﴾ والغرض بيان أنه تعالى يعمي بغض الأبصار على الجلي، ويبصر بعضها بالخفي، إظهاراً للقدرة والاختيار بإنفاذ الأمر على خلاف القياس.


الصفحة التالية
Icon