ولما أخبره بهذه الأسرار منبئة عن أحوالهم، وكانت النفس أشد شيء طلباً لقطع حجة المتعنت بإجابة سؤله، قال تعالى مخبراً بتحقيق ما ختم به من أنهم لا يؤمنون للخوارق ولو رأوا أعجب من الإيتان بالملائكة :﴿ولو فتحنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿عليهم﴾ أي على من قال : لو ما تأتينا بالملائكة ﴿باباً﴾ يناسب عظمتنا ﴿من السماء﴾ وأشار إلى أن ذلك حالهم - ولو كانوا في أجلى الأوقات وهو النهار - بقوله :﴿فظلوا﴾ أي الكفار ﴿فيه﴾ أي ذلك الباب العالي ﴿يعرجون*﴾ أي يصعدون ماشين في الصعود مشية الفرح ﴿لقالوا﴾ عناداً وإبعاداً عن الإيمان :﴿إنما سكرت﴾ أي سدت وغشيت ﴿أبصارنا﴾ أي حتى ظننا ما ليس بواقع واقعاً ﴿بل نحن قوم﴾ أي وإن كا لنا غاية القوة على ما نريد محاولته ﴿مسحورين*﴾ أي ثابت وقوع السحر علينا حتى صرنا نرى الأشياء على خلاف ما هي عليه ونثبت ما لا حقيقة له ؛ والسكر : السد بإدخال اللطيف في المسام فيمنع الشيء كمال ما كان عليه، ومنه السكر بالشراب، والسحر : حيلة خفية توهم معنى المعجزة من غير حقيقة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٦
ولما كان ذكر هذه الآية السماوية على سبيل الفرض في الجواب عن إنكارهم النبوة، دليلاً على مرودهم على الكفر، وكان من المعلوم أن ثبوت النبوة مترتب على ثبوت الوحدانية، توقع السامع الفَهِم الإخبارَ عما له تعالى من الآيات المحققة الوجود
٢١٠