﴿مسنون*﴾ أي مصور بصورة الآدمي في تجويفه وأعضائه كأنه مصبوب في قالب ؛ قال الرماني : وأصله الاستمرار في جهة من قولهم : على سَنن واحد ﴿فإذا سويته﴾ أي عدلته وأتممته وهيأته لنفخ الروح تهيئة قريبة من الفعل ﴿ونفخت فيه من روحي﴾ أي خلقت الحياة فيه كما تعلق النار بالفتيلة بالنفخ، وهو تمثيل، وأضاف الروح إليه تشريفاً، وهو ما يصي به الجسم حياً، وأشرف منه ما يصير به الروح عالماً، وأشرف منه ما يصير به العالم عاملاً خاشعاً ﴿فقعوا له﴾ أي تعظيماً، حال كونكم ﴿ساجدين*﴾ أي اسجدوا له سجود من كان في مبادرته به وسهولة انقياده كأنه وقع من غير اختياره ﴿فسجد الملائكة﴾ أي بسبب هذا الأمر من غير توقف لما جاء الوقت الذي أمرتهم فيه لذلك البشر، وهو أبوكم آدم عليه السلام وأنتم في صلبه ﴿كلهم أجمهون*﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢٠
ولما أبلغ في تأكيد ما أفهمه الجمع، استثنى فقال :﴿إلا إبليس﴾ قيل : هو من قوم من الملائكة، وقيل : بل - لكونه كان واحداً بينهم منضافاً إليهم عاملاً بأعمالهم - كان معموراً فيهم، فكان كأنه منهم، فصح استثناءه لذلك، فكأنه قيل : ما فعل.