فقيل استعظاماً لمخالفته :﴿أبى أن يكون﴾ أي لشكاسة في جبلته ﴿من الساجدين*﴾ أو إنه لم يقلك فأبى - بالعطف، لأن الاستثناء منقطع، فإن إبليس من نار والملائكة من نور، وهم لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون بخلافة، فكأنه قيل : فما فعل به الملك ؟ فقيل : لم يعاجله بالعقوبة، بل أخره إلى أجله المحكوم به في الأزل كما أنه لم يعاجلكم لذلك، فكأنه قيل : فما قال له ؟ فقيل :﴿قال﴾ له ليقيم الحجة عليه عند الخلائق ظاهراً كما قدمت عليه الحجة في العلم باطناً :﴿يا إبليس﴾ اختار هذا الاسم هنا لأن الإبلاس معناه اليأس من كل خير، والسكون والانكسار، والحزن والتحير، وانقطاع الحجة والندم ﴿مالك﴾ أي شيء لك من الأعذار في ﴿ألا تكون﴾ أي بقلبك وقالبك ﴿مع الساجدين*﴾ لمن أمرتك بالسجود له وأنت تعلم مما أنا عليه من العظمة والجلال ما لا يعلمه كثير من الخلق ﴿قال لم أكن﴾ وأكد إظهاراً للإصرار والإضرار بالكبر فقال :﴿لأسجد لبشر﴾ أي ظاهر البدن، لا قدرة له على التشكل والتطور ﴿خلقته من صلصال﴾ أي طين يابس لا منعة فيه، بل إذا نقر أجاب بالتصويت ﴿من حمإٍ﴾ أي طين متغير أسود كدر ﴿مسنون*﴾ أي مصور بصورة الفخار متهيئ للدلك، لا يرد يد لامس، وأنا خي منه لأنك خلقتني من نار نافعة بالإشراق، ممتنعة ممن يريدها
٢٢١


الصفحة التالية
Icon